إستراحة الغرباء
مفهوم    البدعة 13401711
إستراحة الغرباء
مفهوم    البدعة 13401711



 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  مركزتحميل  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
:الأســـــم
:كلمة السـر
تذكرنــي؟
المواضيع الأخيرة
goweto_bilobedالسادة ال عواد السعد النعيممفهوم    البدعة I_icon_minitimeالجمعة 03 نوفمبر 2017, 8:47 pm من طرفgoweto_bilobedمجموعة اناشيد/ عبدالغفور الشيخ عيسىمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالسبت 18 يوليو 2015, 12:38 pm من طرفgoweto_bilobedرائعه من روائع المنشد سامر الدرة الرب صلى وسلم على المكرممفهوم    البدعة I_icon_minitimeالجمعة 04 أكتوبر 2013, 7:37 pm من طرفgoweto_bilobedبدر من طيبه تجلى نو ر الدين خورشيدمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالإثنين 29 أبريل 2013, 4:11 pm من طرفgoweto_bilobedمتكين يصرتنا واحمد احمد...نسعى الى تلك البقاع ونحفدمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 29 يناير 2013, 3:24 am من طرفgoweto_bilobedقال سيدي السيد الرفاعي الثاني والعارف الرباني السيد محمد مهدي بهاء الدين الصيادي الشهير بالرواس رضي الله عنه يمدح شيخه وجده وإمامه السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنهما :مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 29 يناير 2013, 2:57 am من طرفgoweto_bilobedيا حبيب القلوب..........................................الطارقhttps://youtu.be/Ub_tOgUrx1sمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالإثنين 28 يناير 2013, 4:50 pm من طرفgoweto_bilobedكن مع الله ترى الله معك رائعهمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالجمعة 03 أغسطس 2012, 1:14 am من طرفgoweto_bilobedالبــعث والنشـــورمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأربعاء 18 يوليو 2012, 3:31 pm من طرفgoweto_bilobedآلام التـــزكيةمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأربعاء 18 يوليو 2012, 3:21 pm من طرفgoweto_bilobedاحاديث في العتره النبويه صحيحه الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأحد 01 يوليو 2012, 6:30 pm من طرفgoweto_bilobedاهداء لاخواني في الله دعاء الحبيب الجفري في الشام مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2012, 3:00 pm من طرفgoweto_bilobedخزانة وصل. الشيخ محمود الدره الطارق مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2012, 12:51 am من طرفgoweto_bilobedمجلس للشيخ محمود الدرة بحضورالحبيب الجفري الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2012, 12:19 am من طرفgoweto_bilobedالايا الله بنظره من العين الرحيمه الدره الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 26 يونيو 2012, 12:16 am من طرفgoweto_bilobedكفى الرفاعي شرفا تقبيل كف المصطفى الشيخ محمود الدره الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأحد 24 يونيو 2012, 1:26 pm من طرفgoweto_bilobedمرقد وضريح الشيخ احمد الرفاعي الكبير في العراق الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأحد 24 يونيو 2012, 1:10 pm من طرفgoweto_bilobedمجلس للشيخ محمود الدرة بحضور الحبيب الجفري مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأحد 24 يونيو 2012, 1:04 pm من طرفgoweto_bilobed الشيخ محمود دره كل حسن يبدو لنا من جمال المصطفى الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأحد 24 يونيو 2012, 1:01 pm من طرفgoweto_bilobedتمسك بالكرام اخي واهجر لئام الناس للشيخ محمود الدره الطارقhمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأحد 24 يونيو 2012, 12:52 pm من طرفgoweto_bilobedيا الهي ما معين العاجزين الشيخ محمود الدره/// رائعه الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأحد 24 يونيو 2012, 2:21 am من طرفgoweto_bilobedسبحان من ذكره عز لذاكره الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالسبت 23 يونيو 2012, 3:10 pm من طرفgoweto_bilobedياسيدي يامحمد هاجت اشواقي الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالسبت 23 يونيو 2012, 2:38 pm من طرفgoweto_bilobedاخذت العهد في اول زماني لقيت العهد غال يا اخواني الطارقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالسبت 23 يونيو 2012, 2:16 pm من طرفgoweto_bilobedنسب سيدي الإمام أحمد الكبيرالرفاعي رضي الله عنهمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالخميس 07 يونيو 2012, 12:07 am من طرفgoweto_bilobedمقطع فيديو ضرب سلاحمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 27 مارس 2012, 2:06 pm من طرفgoweto_bilobedجلسة ذكر بحضور سيد عبدالله المربد ابوالعيشمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 27 مارس 2012, 2:01 pm من طرفgoweto_bilobedاللهم صل علي محمد واله الطيبين الطاهرينمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 14 فبراير 2012, 3:14 am من طرفgoweto_bilobedالسادة الكروشات بني العروس الحسينية في الاهواز و العراقمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالثلاثاء 14 فبراير 2012, 1:55 am من طرفgoweto_bilobedفى ذكرى مولد خير البريةمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالسبت 04 فبراير 2012, 2:53 pm من طرفgoweto_bilobedقبيلة المجمع في الأحوازمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالخميس 02 فبراير 2012, 11:04 am من طرفgoweto_bilobedعبد الستار الطيار و يوسف عمر / العراق1957 مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأربعاء 01 فبراير 2012, 9:55 pm من طرفgoweto_bilobedمجموعة مدائح الشيخ عبد الوهاب الجنابي 2011مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالخميس 15 ديسمبر 2011, 2:39 am من طرفgoweto_bilobedالله جل جلالهمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالأربعاء 14 ديسمبر 2011, 12:07 am من طرفgoweto_bilobedمن أجمل ماقرأتمفهوم    البدعة I_icon_minitimeالخميس 01 ديسمبر 2011, 3:51 am من طرف

شاطر | 
 

 مفهوم البدعة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الاعرجي الحسيني
الاعرجي الحسيني

مفهوم    البدعة Stars13

رقم العضوية : 39
ذكر
عدد المساهمات : 999
نقاط : 1625
العمر : 68
<b><i>البلد</i></b>سوريا

احترام قوانين المنتدى :
مفهوم    البدعة Left_bar_bleue100 / 100100 / 100مفهوم    البدعة Right_bar_bleue

mmsmms

رسالة smsاللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلا بك، اللهم فهب لنا منك ما يرضيك عنا يا وهاب يا كريم.

مفهوم    البدعة Uoou_o12

مفهوم    البدعة Uoou_o10







بطاقة الشخصية
حكمتي بالحياة:

مفهوم    البدعة Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم البدعة   مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالجمعة 26 فبراير 2010, 4:58 am

المقدِّمة
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على خير خلقه محمد المصطفى الاَمين وآله الطيبين الطاهرين وصحبهم المنتجبين.
قال تعالى: (ولا تقولن لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)(1).
تعتبر البدعة من المعاصي الكبيرة التي نصَّ على حرمتها الكتاب الكريم وسُنّة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهي ضلالة تؤدي بصاحبها إلى سواء الجحيم، ذلك لاَن المبتدع في الدين مفترٍ على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذَّب بآياته إنّه لا يفلح الظالمون) (2)ولانه يسوق الاُمّة وفقاً لاَهوائه إلى سبيل منحرف ينتهي إلى الفرقة والتناحر والاقتتال، بدلاً عن السبيل السوي الذي اختاره تعالى لسعادة البشرية (وان هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) (3)ً لذا نرى من الواجب المناط بأهل العلم والمعرفة رسم الصورة الحقيقية للسُنّة المباركة وتخليصها من كلِّ دخيل وتمحيصها من الابتداع والاحداث في الدين بالعرض على الكتاب والسُنّة، دون ان يكون لدواعي الهوى وآراء المذاهب المختلفة أثر في اعتبارات البدعة ومواردها المختلفة.

____________
(1) النحل 16: 116.
(2) الانعام 6: 21.
(3) الانعام 6: 153.



من هنا حاولنا في هذا البحث رسم الصورة الواقعية لمفهوم البدعة من خلال دراسة وافية تقترن ببيان الموارد الصحيحة والمصاديق الحقيقية لها وفقاً لما جاء في كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهدي أئمة الهدى عليهم السلام.
وقد سلطنا الضوء على هذا المفهوم من جوانبه المختلفة مع شيء من الاختصار وفقاً للفصول التالية:
الفصل الاَول: تعريف البدعة لغةً واصطلاحاً وبيان دلالتها في القرآن والسُنّة، واستعراض ما ورد من آيات قرآنية وأحاديث شريفة في حرمة الابتداع في الدين وخطورته وضرورة مواجهته بشتى الوسائل.
الفصل الثاني: بيان مفهوم البدعة وشروطها وحدودها وتقسيمها.
الفصل الثالث: استعراض الاسباب التي أدت إلى نشوء البدع وانتشارها، وقد حصرناها في ثلاثة أسباب رئيسية هي: 1 ـ توهم المبالغة في التعبد لله تعالى، 2 ـ اتباع الهوى، 3 ـ التسليم لغير المعصوم.
الفصل الرابع: ذكرنا فيه دور أهل البيت عليهم السلام واسهامهم في مجابهة البدع ومحدثات الاُمور، ويدور البحث فيه على محاور رئيسية، هي: قول الاَئمة عليهم السلام في: الجبر والتفويض، والقياس والرأي، والتصوف والرهبنة، ومسألة التشبيه والتجسيم، ومحاربة الغلو والغلاة.
الفصل الخامس: نقلنا فيه البحث النظري المتقدم إلى ساحة التطبيق العملي، مبيّنين أهم البدع المحدثة، ذاكرين بعض الممارسات والعقائد التي نسبت إلى البدعة وليست هي كذلك.
نرجو أن نكون قد أفدنا في هذا البحث ووفقنا لما فيه الخير والرشاد.
ومن الله نستمد العون والسداد وهو يهدي من يشاء إلى سواء السبيل

</SPAN>



الفصل الاَول
البدعة
دلالتها في القرآن والسُنّة


البدعة في اللغة
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي: (البَدع: إحداثُ شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة) (1).
ويقول الراغب: (الابداع: هو إنشاء صفةٍ بلا احتذاء واقتداء) (2)، والابداع أصلٌ ثانٍ للبدعة، وهو مأخوذ من «أبدع».
وينصّ الاَزهري على أنّ «الابداع» أكثر استعمالاً من «البَدع» وهذا لايعني أنّ استعمال «البدع» خطأ، فيقول في ذلك: (و «أبدع» أكثر في الكلام من «بَدَعَ» ولو استعمل «بَدَعَ» لم يكن خطأ) (3).
وقال ابن فارس: (البدع له أصلان: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال، والآخر الانقطاع والكلال) (4).

____________
(1) العين، للفراهيدي 2: 54.
(2) معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم، للراغب الاصفهاني: 36.
(3) تهذيب اللغة، للازهري 2: 241.
(4) المقاييس، لابن فارس 1: 209 مادة (بَدَع).



وقال الفيروزآبادي: (البِدعة: الحدث في الدين بعد الاكمال، أو مااستحدث بعد النبي من الاَهواء والاَعمال) (1).
وعلى هذا الاَساس تقول من «البَدع»: (بدعتُ الشيء إذا انشأته) (2).
كما تقول من (الابداع): ابتدع الشيء: أي «أنشأه وبدأه» (3)وتقول أيضاً: (أبدعتُ الشيء أي اخترعته لا على مثال) (4).
و «أبدعَ» الله تعالى الخلق «إبداعاً»: أي خلقهم لاعلى مثال سابق، و«أبدعتُ» الشيء و «ابتدعته» استخرجته وأحدثته، ومن ذلك قيل للحالة المخالفة «بدعة»، وهي اسم من «الابتداع»، كالرفعة من الارتفاع (5).
ومن أسماء الله تعالى «البديع»: وهو الذي فطر الخلق مُبدِعاً لا على مثال سابق(6).
يقول سبحانه وتعالى: (بَدِيعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ) أي مبتدعها ومبتدئها لا على مثال سابق (7).
إنّ الامعان في التعريفات المارة لكلمة «البدعة» يوضح بجلاء أنّ معناها في اللغة: هو الشيء الذي يبتكر ويخترع من دون مثال سابق ويبتدأ به بعد أن لم يكن موجوداً في السابق.

____________
(1) القاموس، للفيروزآبادي 3: 6 مادة (بَدَعَ).
(2) جمهرة اللغة، لابن دريد 1: 298.
(3) لسان العرب، لابن منظور 8: 6 مادة (بدع).
(4) الصحاح، للجوهري 3: 1183 مادة (بدع).
(5) المصباح المنير، للفيومي1: 38 مادة (بدع).
(6) مجمع البحرين، للطريحي 1: 163 مادة (بدع).
(7) النهاية، لابن الاثير 1: 106. والآية من سورة البقرة 2: 117.




البدعة في الاصطلاح
مع أنّ «البدعة» في المعنى اللغوي المتقدم تشمل كل جديد لم يكن له مماثل سواء أكان في الدين، أم في العادات، كأنواع الاَطعمة والاَلبسة والاَبنية والصناعات وغيرها من الممارسات الحياتية عند الناس، لكن البدعة التي ورد النصّ بتحريمها هي: (إيراد قولٍ أو فعلٍ لم يُستَنَّ فيه بصاحب الشريعة وأُصولها المتقنة) (1).
وبعبارة أُخرى هي: (الحدث في الدين بعد الاكمال) (2).
وفي الموضوع تعريفات كثيرة، تكاد تتفق لفظاً ومضموناً، وان اختلفت في زيادات أوردها البعض لمزيد من البيان:
ابن رجب الحنبلي عرّف البدعة بأنّها:
(ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدّل عليه، أما ما كان له أصل من الشرع يدّل عليه فليس ببدعة شرعاً وإنْ كان بدعة لغةً) (3).
وقال ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري»: (أصلها ما أُحدِثَ على غير مثال سابق، وتطلق في الشرع في مقابل السُنّة فتكون مذمومة...) (4).
وقال: (المحدثات جمع محدثة، والمراد بها ـ أي في حديث «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ» ـ: ما أُحدث وليس له أصل في الشرع، ويسمّى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدلُّ عليه الشرع
____________
(1) انظر: المفردات، للراغب: 28.
(2) القاموس، للفيروزآبادي 3: 6.
(3) جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبلي: 160 طبع الهند.
(4) فتح الباري، لابن حجر العسقلاني 5: 156.



فليس ببدعة) (1)؟.
ويرى ابن حجر الهيتمي أنّ البدعة: (ما أُحدث على خلاف أمر الشرع ودليله الخاص أو العام) (2).
ويرى الشاطبي: (البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يُقصد بالسلوك عليها ما يُقصد بالطريقة الشرعية ـ وقال في مكان آخر ـ يُقصد بالسلوك عليها: المبالغة في التعبّد لله تعالى) (3).
وقال السيد المرتضى: (البدعة: الزيادة في الدين أو نقصان منه من غير إسناد إلى الدين..)(4).
وقال الطريحي في مجمع البحرين: (البدعة: الحدثُ في الدين، وما ليس له أصل في كتاب ولا سُنّة، وإنّما سُميّت بدعة لاَنّ قائلها ابتدعها هو نفسه)(5)….
أما العلاّمة المجلسي فإنّه عرّفَ البِدعة في الاصطلاح الشرعي بأنّها: (ماحدث بعد الرسول ولم يرد فيه نصّ على الخصوص، ولا يكون داخلاً في بعض العمومات، مثل بناء المدارس وأمثالها الداخلة في عمومات إيواء المسلمين وإسكانهم وإعانتهم، وكإنشاء بعض الكتب العلمية، والتصانيف التي لها مدخل في العلوم الشرعية، وكالاَلبسة التي لم تكن في
____________
(1) فتح الباري، لابن حجر العسقلاني 17: 9.
(2) التبيين بشرح الاربعين، لابن حجر الهيتمي: 221.
(3) الاعتصام، للشاطبي 1: 37.
(4) الرسائل، للشريف المرتضى 3: 83.
(5) مجمع البحرين، للطريحي 1: 163 مادة (بدع).



عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والاَطعمة المحدثة فإنّها داخلة في عمومات الحلّية ولم يرد فيها نهي.
وما يُفعل منها على وجه العموم إذا قُصد كونها مطلوبة على الخصوص كان بدعة، كما أنّ الصلاة خير موضوع ويُستحب فعلها في كل وقت، ولو عيّن ركعات مخصوصة على وجه مخصوص في وقت معين صارت بدعة، وكما إذا عيّن أحدٌ سبعين تهليلة في وقت مخصوص على أنّها مطلوبة للشارع في خصوص هذا الوقت، بلا نصّ ورد فيها، كانت بدعة.
وبالجملة إحداث أمر في الشريعة لم يرد فيه نص، بدعة، سواء كان أصلها مبتدعاً أو خصوصيتها مبتدعة...) (1).
وقال المحدّث البحراني: (الظاهر المتبادر من البدعة، لا سيّما بالنسبة إلى العبادات، إنّما هو المحرّم، ولما رواه الشيخ الطوسي عن زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل عن الصادقين عليهما السلام: «إنّ كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها النار») (2).
وقال المحقق الاشتياني: (البدعة: إدخال ما علم أنّه ليس من الدين في الدين، ولكن يفعله بأنّه أمَرَ به الشارع..) (3).
وقال السيد محسن الامين العاملي: (البدعة: إدخال ما ليس من الدين في الدين، كإباحة محرّم أو تحريم مباح أو إيجاب ما ليس بواجب أو
____________
(1) بحار الانوار، للمجلسي 74: 202 ـ 203.
(2) الحدائق الناضرة، للشيخ يوسف البحراني 10: 180.
(3) بحر الفوائد، للاشتياني: 80.



ندبه، أو نحو ذلك سواء كانت في القرون الثلاثة أو بعدها، وتخصيصها بما بعد القرون الثلاثة لا وجه له..) (1).
هذه جملة مما ورد في تعريف البدعة بالمعنى الاصطلاحي الشرعي، وقد أفاد أغلبها أنّ البدعة بالمعنى الشرعي، هي: زيادة شيء في الدين على أنّه منه وهو ليس منه.
واختص تعريف الشريف المرتضى وكذا تعريف السيد محسن الامين من بين تلك التعريفات بذكر النقصان من الدين على أنّه يدخل ضمن البدعة أيضاً.
ومن هنا فإنّ تعريف الشريف المرتضى هو أجمع التعاريف وأكثرها دلالة على حد البدعة ومفهومها.


البدعة في القرآن الكريم
وردت البدعة بمعناها اللغوي والاصطلاحي الشرعي في عدة مواضع من القرآن الكريم.
والملاحظ أنّها وردت في بعض المواضع من القرآن الكريم بصورة مباشرة، وبعضها الآخر ورد من خلال دلالة الجملة القرآنية على مفهوم (التغيير في الدين) زيادة وإنقاصاً، وسنورد أمثلةً عن كلا الصورتين.


الصورة الاُولى
1 ـ (... ورَهبَانِيَّةً ابتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيهِمْ إلاّ ابتِغَآءَ رِضوَانِ اللهِ فَمَا
____________
(1) كشف الارتياب للسيد محسن الامين العاملي: 143.



رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا...)(1).
الآية الشريفة هنا توضح أنَّ «الرهبانية» كانت من مبتدعات الرهبان، وأنّها لم تكن مفروضة عليهم من قبل، وإنّما تكلّفوها من عند أنفسهم.
2 ـ (قُلْ ما كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُسُلِ ومَآ أدرِي مَا يُفعَل بِي وَلا بِكُم...) (2).
وهناك اتجاهان في تفسير الآية الشريفة، يذهب أحدهما إلى أنّ المقصود هو أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليس أول رسول يرسله الله إلى قومه برسالته.
ويذهب الآخر إلى أنّ المراد: ما كنتُ مبدِعاً في أقوالي وأفعالي مالم يسبقني إليه أحد من الرسل.
وقد ذهب العلاّمة الطباطبائي في تفسيره «الميزان» إلى ترجيح الاتجاه الثاني بقوله: (والمعنى الاَول لا يلائم السياق... فثاني المعنيين هو الاَنسب، وعليه فالمعنى: لستُ أُخالف الرُسل السابقين في صورة أو سيرة وفي قول أو فعل، بل أنا بشر مثلهم فيَّ من آثار البشرية ما فيهم وسبيلهم في الحياة سبيلي) (3).
3 ـ قوله تعالى: (بَديِعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ وإذَا قَضَى أمراً فإنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (4).

____________
(1) الحديد 57: 27.
(2) الاحقاف 46: 9.
(3) الميزان في تفسير القران، للطباطبائي 18: 190.
(4) البقرة 2: 117.


4 ـ وقوله تعالى: (بَدِيعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ أنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ..) (1).
والآيتان المتقدمتان تفيدان معنى الخلق لا على مثال سابق وهو المعنى اللغوي لكلمة «بَدَع»، التي مرّت الاشارة إليها فيما تقدم.


الصورة الثانية
أما ما ورد في القرآن الشريف من إشارة إلى البدعة بمعنى «التغيير في الدين» فهو كثير، لكننا نشير إلى بعض الآيات الشريفة:
1 ـ (قُلْ أرَأيتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلتُم مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُل ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفتَرُونَ) (2).
والآية واضحة في دلالتها على التحريف زيادة أو إنقاصاً، وقد وردت الآية في وصف عمل المشركين حين حرّموا بعض ما أنزل الله عليهم من الرزق وحلّلوا البعض الآخر، فقد حرّموا السائبة والبَحيرة والوَصيلة من غير أن يأتيهم بذلك أمر إلهي، ويوضح هذه الحقيقة قوله تعالى في ذيل الآية المتقدمة: (ءَآللهُ أذِنَ لَكُم أمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ).
2 ـ كما جاء ما يدل على التحريف في قوله تعالى: (ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ السِنَتُكُم الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إنَّ الَّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لا يُفلِحُونَ) (3).
والآية الشريفة واضحة الدلالة مثل سابقتها على مفهوم التحريف
____________
(1) الانعام 6: 101.
(2) يونس 10: 59.
(3) النحل 16: 116.



والافتراء كذباً على الله سبحانه وتعالى شأنه.
3 ـ إنّ تحريف النصّ الالهي أمر خطير حتى جاء في القرآن الشريف على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (... قُلْ مَا يَكُونُ لِي أنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلقَآء نَفْسِي إنْ أتَّبِعُ إلاّ ما يُوحَى إليَّ إنّي أخَافُ إنْ عَصيْتُ رَبّي عَذَابَ يَومٍ عَظيمٍ) (1).
وفي الآية الشريفة دلالة واضحة وصريحة على قُدسية الاَمر الالهي الوارد عبر الوحي، وأنَّ تحريف هذا النصّ أو تبديله أمرٌ خطير يورد صاحبه موارد الهلكة والخسران المبين إلى الدرجة التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إنِّي أخَافُ إنْ عَصَيتُ رَبّي عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ).
4 ـ وجاء في القرآن الكريم ما يدل على تحقّق الابتداع بدعوى الزيادة أو النقصان في الاَحكام الاِسلامية كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أظلَمُ مِمِنَّ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أو كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظَّالِمُون) (2).
إنَّ الكذب من المحرمات والموبقات التي وعد الله عليها النار، والبدعة من أفحش الكذب، لاِنّها افتراء على الله ورسوله، والمفتري مبتدع لاَنه يريد أن يقول عن شيء ليس من الدين إنّه من الدين، فيزيد فيه ما ليس منه، أو يقول عن شيء إنّه ليس من الدين وهو من الدين، فينقص من الدين شيئاً هو منه.


البدعة في السُنّة المطهّرة
فيما تقدم استعرضنا بصورة موجزة الآيات القرآنية الشريفة الدالة على
____________
(1) يونس 10: 15.
(2) الانعام 6: 21.



مفهوم البدعة والتحذير منها، وسنستعرض في هذا الفصل ما ورد من أحاديث وروايات منقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وسوف لن يقتصر إيرادنا للاَحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فريق معيّن من المسلمين بل سنحاول ذكر الروايات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الفريقين.
1 ـ ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «لا يذهب من السُنّة شيء حتى يظهر من البدعة مثله، حتى تذهب السُنّة وتظهر البدعة، حتى يستوفي البدعة من لا يعرف السُنّة، فمن أحيى ميتاً من سنتي قد أمُيتت، كان له أجرُها وأجرُ من عمل بها، من غير أن ينقص من أُجورهم شيئاً، ومَنْ أبدَعَ بدعة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، لا ينقص من أوزارهم شيئاً» (1).
2 ـ وعن جابر قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهل له ثم قال: «أما بعد فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأنّ أفضل الهدي هدي محمد، وشر الاُمور محدثاتها وكلّ بدعة ضلالة..» (2).
3 ـ وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «لا ترجعنَّ بعدي كفاراً، مرتدين، متأولين للكتاب على غير معرفة، وتبتدعون السُنّة بالهوى لاَن كل سُنّة وحدث وكلام خالف القرآن فهو ردّ وباطل» (3).
4 ـ وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «يأتي على الناس زمان وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين، السُنّة فيهم بدعة، والبدعة فيهم
____________
(1) كنز العمال، لعلاء الدين الهندي 1: 222 | 1119.
(2) مسند أحمد 3: 310 طبعة دار الفكر ـ بيروت. سنن ابن ماجه 1: 21 باب اجتناب البدع والجدل طبعة دار الجيل ـ بيروت. جامع الاُصول، لابن الاَثير: 5 الفصل الخامس الخطبة 3974.
(3) خصائص الاَئمة، للشريف الرضي: 75.



سُنّة»(1)….
5 ـ وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «من أدى إلى أُمتي حديثاً يُقام به سُنّة، أو يثلم به بدعة، فله الجنة» (2).
6 ـ وجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «إياك أن تسنَّ سنة بدعة، فإنّ العبد إذا سنَّ سنةً سيئة، لحقهُ وزرها، ووزر من عمل بها»... (3).
7 ـ وعن عرباض بن سارية قال: صلّى بنا رسول الله الفجر ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة... قال: «أوصيكم بتقوى الله... وإيّاكم ومحدثات الامور، فإنّ كلَّ محدثة بدعة، وإنّ كلَّ بدعة ضلالة» (4).
8 ـ وروى مسلم في صحيحه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيشٍ، يقول: «صبّحكم ومسّاكم ـ ويقول ـ بُعثِتُ أنا والساعة كهاتين ـ ويقرن بين إصبعيه: السبابة والوسطى، ويقول ـ أما بعد، فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هَديُ محمد، وشرّ الاُمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ـ ثم يقول ـ أنا أولى بكلِّ مؤمن من نفسهِ، من ترك مالاً فلاَهله، ومن ترك دَيناً أو ضياعاً فإليَّ وعليّ».. (5).
9 ـ وروى ابن ماجه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يقبل الله لصاحب بدعة
____________
(1) جامع الاخبار، لتاج الدين الشعيري: 125.
(2) بحار الانوار، للمجلسي 2: 152 | 43 باب 19.
(3) بحار الانوار، للمجلسي 74: 104 | 1 باب 5.
(4) مسند أحمد 4: 126 ـ 127. وبحار الانوار 2: 263 فقد وردت نفس النصوص مع زيادة «وكل ضلالة في النار».
(5) جامع الاصول، لابن الاثير: 5. الفصل: 5 الخطبة 3974.



صوماً، ولا صلاة، ولا صدقة، ولا حجّاً، ولا عمرة، ولا جهاداً» (1).
10 ـ وروى مسلم عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» (2).
11 ـ وعن جرير بن عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «من سنَّ في الاِسلام سُنّة حسنة فعُمل بها بعده، كُتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أُجورهم شيء، ومن سنَّ في الاِسلام سُنّة سيئة فعمل بها بعده كُتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء».. (3).
12 ـ وعن حذيفة انه قال: يا رسول الله هل بعد هذا الخير شرّ ؟ قال: «نعم، قوم يستّنون بغير سنّتي ويهتدون بغير هداي».. (4).
13 ـ وعن مالك في موطأه عن أبي هريرة قال: إنّ رسول الله خرج إلى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ـ إلى أن قال ـ فلُيذادنَّ رجال عن حوضي كما يُذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلّم ! ألا هلّم ! ألا هلّم ! فيقال: إنّهم قد بدّلوا بعدك، فأقول: فسحقاً، فسحقاً، فسحقاً».. (5).
14 ـ وروى الكليني عن محمد بن جمهور رفعهُ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا ظهرت البدع في أُمتي فليُظهِر العالِم علمه، فمن لم يفعل
____________
(1) سنن ابن ماجه 1: 25 باب اجتناب البدع والجدل.
(2) صحيح مسلم 5: 132، كتاب الاقضية الباب 8. ومسند أحمد 6: 270.
(3) صحيح مسلم 8: 61 كتاب العلم.
(4) صحيح مسلم 5: 206 كتاب الامارة.
(5) موطأ مالك: كتاب الصلاة باب جامع الوضوء | 26. وصحيح مسلم 1: 150.



فعليه لعنة الله» (1).
15 ـ وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أتى ذا بدعةٍ فعظّمهُ فإنما يسعى في هدم الاِسلام»(2).
16 ـ وبالاسناد السابق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة» قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «انّه اُشرِبَ في قلبه حبّها»(3).
17 ـ وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: «خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس فقال: أيُّها الناس إنّما بَدْءُ وقوع الفتن، أهواءٌ تُتَّبع، وأحكام تُبتدع، يُخالف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجال رجالاً، فلو أنّ الباطل خلص لم يُخف على ذي حجى، ولو أنّ الحق خلص لم يكن اختلاف، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معاً فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى» (4).
18 ـ الحسن بن محبوب رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام: إنّه قال: «إنّ من أبغض الخلق إلى الله عزّ وجلّ لرجلين: رجل وكلّه الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن أفتتن به، ضال عن هَدي من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته
____________
(1) الكافي، للكليني 1: 54 | 2 باب البدع.
(2) المصدر السابق: ح3.
(3) الكافي، للكليني 1: 54 | 4.
(4) المصدر السابق 1: 55 | 1 الباب السابق.



وبعد موته، حمّال خطايا غيره، رهنٌ بخطيئته» (1).
19 ـ وروى عمر بن يزيد عن الاِمام الصادق عليه السلام إنّه قال: «لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحدٍ منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المرءُ على دين خليله وقرينه» (2).
20 ـ وروى داود بن سرحان عن الاِمام الصادق عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة».. (3).
21 ـ وعنه عليه السلام قال: «ما أُحدثت بدعة إلاّ ترك بها سُنّة، فاتقوا البدع والزموا المَهْيَع، إنَّ عوازم الاُمور أفضلها وإنّ محدثاتها شرارها» (4).
22 ـ وعن الصادق عليه السلام أنّه قال: «من تبسّم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه» (5).
23 ـ وعنه عليه السلام أنّه قال: «من مشى إلى صاحب بدعة فوقّره فقد مشى في هدم الاِسلام»(6).
24 ـ وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قوله: «...فاعلم أنَّ أفضل عباد الله عند الله إمامٌ عادلٌ هُدِيَ وهَدى فأقام سُنّةً
____________
(1) الكافي، للكليني 1: 54 | 6 باب البدع.
(2) الكافي، للكليني 2: 375 | 3 باب مجالسة أهل المعاصي.
(3) الكافي، للكليني 2: 375 | 4 باب مجالسة أهل المعاصي.
(4) بحار الانوار، للمجلسي 2: 264 | 15. نهج البلاغة: خطبة 145. والمَهْيَع: الطريق البيّن.
(5) المصدر السابق 8: 23 الطبعة القديمة.
(6) المصدر السابق 2: 304 | 45.



معلومةً وأمات بدعةً مجهولةً، وأنّ السُنن لنيرةٌ، لها أعلامٌ، وأنّ البدع لظاهرةٌ، لها أعلام. وأنَّ شرّ الناس عند الله إمام جائر ضَلَّ وضُلَّ به، فأمات سُنّةً مأخوذةً، وأحيا بدعةً متروكةً» (1).
25 ـ وقال عليه السلام: «أوِّهِ على اخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه، وتدّبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السُنّة وأماتوا البدعة» (2).
26 ـ وقال عليه السلام: «إنّما الناس رجلان: متبع شرعة، ومُبتدع بدعة» (3).
27 ـ وقال عليه السلام أيضاً: «طوبى لِمَن ذلّ في نفسهِ وطاب كَسبُه ـ إلى أنْ قال ـ وعزل عن الناس شرّه ووَسَعته السُنّة ولم يُنسَب إلى البدعة».. (4).
28 ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا رأيتم صاحب بدعة فاكفهرّوا في وجهه، فإنّ الله ليبغض كل مبتدع ولا يجوز أحد منهم على الصراط، ولكن يتهافتون في النار مثل الجراد والذباب»(5).
29 ـ وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من غشّ أُمتي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، قالوا: يا رسول الله وما الغش ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ان يبتدع لهم بدعة فيعملوا بها».. (6).
30 ـ وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «من أحدث حدثاً، أو آوى محدثاً،
____________
(1) نهج البلاغة: الخطبة 164.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 182.
(3) المصدر السابق: الخطبة 176.
(4) المصدر السابق: قسم الحكم، الرقم 123.
(5) جامع الاصول، لابن الاثير 9: 566. كنز العمّال، للمتقي الهندي 1: 221 | 1118.
(6) المصدر السابق.



فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين، لا يُقبل منه عدل ولا صرف يوم القيامة، فقيل: يا رسول الله: ماالحدث ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل نفساً بغير نفسٍ، أو مثَّل مثلة بغير قودٍ، أو ابتدع بدعة بغير سنة» (1).
31 ـ وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «وأما أهل السُنّة فالمتمسكون بما سنّه الله لهم ورسوله، وإن قلّوا، وأما أهل البدعة فالمخالفون لاَمر الله تعالى وكتابه ولرسوله، والعاملون برأيهم وأهوائهم، وإنْ كثروا، وقد مضى منهم الفوج الاول، وبقيت أفواج، وعلى الله فضُّها واستيصالها عن جدبة الاَرض».. (2)‌.
32 ـ وسأل رجل أمير المؤمنين علياً عليه السلام عن السُنّة، والبدعة، والفرقة والجماعة، فقال عليه السلام: «أمّا السُنّة: فسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمّا البدعة، فما خالفها، وأمّا الفرقة، فأهل الباطل وإنْ كثروا، وأمّا الجماعة، فأهل الحق وإن قلّوا».. (3).
33 ـ وعنه عليه السلام: «.. أدنى ما يكون به العبدُ كافراً، مَنْ زَعم أنَّ شيئاً نهى الله عنه، أنَّ الله أمر به ونصبه ديناً يتولّى عليه، ويزعم أنّه يعبد الذي أمره به، وإنّما يعبد الشيطان» (4).
34 ـ وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: «أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأياً، فيحبُّ عليه ويُبغض».. (5).

____________
(1) معاني الاخبار، للصدوق، تحقيق علي أكبر الغفاري: 265.
(2) كنز العمال، لعلاء الدين الهندي 16: 184 | 44216.
(3) تحف العقول، للحرّاني، تحقيق علي أكبر الغفاري: 211.
(4) الكافي، للكليني 2: 414 | 1 باب ادنى ما يكون به العبد مؤمناً أو كافراً أو ضالاً.
(5) ثواب الاعمال وعقابها، للصدوق، تحقيق علي أكبر الغفاري: 578 | 3.


ا
كانت تلك طائفة من الاحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام، أكد بعضها على حرمة الابتداع في الدين، وبعضها الآخر حدد أسلوب التعامل الاجتماعي مع صاحب البدعة، وحذَّرت طائفة أُخرى من التعامل مع صاحب البدعة.
وكل ذلك يؤكد خطورة البدعة على الدين ووحدة المسلمين.
ونجد من المناسب بعد إيراد الروايات المتقدمة استعراض ما دلّت عليه، في نقاط:
1 ـ إنّ كلَّ بدعة ضلالة، وإنّ كلَّ ضلالة في النار.
2 ـ روى مسلم عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خطب احمرّت عيناه.. إلى أن يقول وخير الهدي هدي محمد.. الخ، وهذا يوضح أنَّ ثورة الغضب عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلوّ صوته ليس إلاّ للتصرّف المبتدع في رسالته، وليس في مطلق شؤون الحياة.
3 ـ جاء في الرواية إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لقوم بدّلوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فسحقاً» يكررها ثلاث مرات، والمقصود بالتبديل أنهم بدّلوا في دين الله الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
4 ـ دلّت الروايات المتقدمة على أنّ البدع إذا ظهرت فإن على العالم أن يُظهر علمه، ليُسهم في كشف البدع وزيفها ومواجهتها، وإلاّ فعليه لعنة الله.
5 ـ كما دلت على عدم قبول توبة صاحب البدعة.
6 ـ ودلّت أيضاً على أنَّ انتشار البدع وظهورها سيؤدي ذلك إلى ترك السُنّة وضياعها التدريجي.
جميع المواضيع و الردود تعبر عن الرأي الشخصي للعضو وادارة منتدى استراحة الغرباء لاتتحمل اية مسئولية اتجاه الغير

تنبيه
الموضوع الأصلي : مفهوم البدعة -||- المصدر : استراحة الغرباء -||- الكاتب : الاعرجي الحسيني

Untitled 2

اخر مواضيع منتدى استراحة الغرباء

↑ Grab this Headline Animator

توقيع الاعرجي الحسيني


عدل سابقا من قبل الاعرجي الحسيني في الجمعة 26 فبراير 2010, 5:59 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاعرجي الحسيني
الاعرجي الحسيني

مفهوم    البدعة Stars13

رقم العضوية : 39
ذكر
عدد المساهمات : 999
نقاط : 1625
العمر : 68
<b><i>البلد</i></b>سوريا

احترام قوانين المنتدى :
مفهوم    البدعة Left_bar_bleue100 / 100100 / 100مفهوم    البدعة Right_bar_bleue

mmsmms

رسالة smsاللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلا بك، اللهم فهب لنا منك ما يرضيك عنا يا وهاب يا كريم.

مفهوم    البدعة Uoou_o12

مفهوم    البدعة Uoou_o10







بطاقة الشخصية
حكمتي بالحياة:

مفهوم    البدعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم البدعة   مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالجمعة 26 فبراير 2010, 5:03 am

الفصل الثاني
مفهوم البدعة وشروطها
تقدّم أنَّ البدعة هي: (إدخال ما ليس من الدين في الدين) وبهذا يكون مفهوم البدعة متقوّماً بأمرين هما:
1 ـ الاختصاص بالاَُمور الشرعية.
2 ـ عدم وجود دليل شرعي على الاَمر الحادث من الدين.


أولاً: الاختصاص بالاَُمور الشرعية
يختص مفهوم «البدعة»، بالاَُمور الشرعية زيادة أو نقصاناً، ولا يتعدى ذلك إلى الاَُمور والعادات المتغيرة، والمباحات، والاَعراف المتباينة لدى الناس، ما دامت لا تُعد جزءً من الشريعة، وعلى سبيل المثال فإنّ استعمال الاِنسان الآن للاَجهزة المتطورة في الكتابة كجهاز الحاسوب أو غيره من أجهزة الكتابة بعد أن كان يستخدم الدواة والقلم لا يُعدّ «بدعة» بمفهومها الشرعي، وكذلك الاَمر الآن في ركوب السيارات والطائرات بعد ركوب الدواب، وغير ذلك.
وقد اختلفت طريقة تعامل الاِنسان مع الاَشياء بناءً على التطور الحاصل في جميع مرافق الحياة، كتدوين الحديث، وتصنيفه، وتبويبه. </SPAN>


والاستماع إلى القرآن، وتشييد الاَماكن المقدسة، وإقامة التجمعات الدينية، وإنشاء المدارس والمؤسسات الاِسلامية وغير ذلك مما يلبي حاجة الاِنسان في زماننا المعاصر.
وهذه الاَُمور كلها لا علاقة لها بالابتداع، وإنْ كانت أُموراً حادثةً وغير موجودة في عصر التشريع الاَول؛ لاَنها مما ترك لاختيار الانسان وذوقه في انتخاب ما يناسب اسلوبه في الحياة ومرتبطة بطريقته في التعامل مع الاَشياء وبقدرته على تسخير الطاقات الكامنة في هذا الوجود وتطويعها لخدمته.
وقد حاول البعض توسيع معنى «البدعة» إلى مدى أوسع ليشمل كلَّ أمرٍ حادث لم يكن قد وقع في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى وإن كان بنحوٍ من الاَنحاء يهدف إلى خدمة الدين وأهدافه المقدسة.
فقد دفع التحجّر بعض هؤلاء ممن قصروا عن فهم الدين والسُنّة النبوية الشريفة إلى الاعتقاد بأنّ كل أمرٍ لا بدَّ أن يأتي فيه النص الخاص الذي يشير إليه بشكل صريح، وأنّ كلّ ما لم يرد بشأنه دليل شرعي خاص فإنّه يندرج في قائمة الابتداع، وكأنّ الشريعة الاسلامية عقيمة جامدة لا تمتلك الضوابط العامة والقوانين الكلية التي يمكن تطبيقها على الموضوعات والحوادث المستجدة والمتنوعة.
جاء في دائرة المعارف الاِسلامية: وتطور مدلول كلمة «البدعة»، وانقسم الناس حياله الى فريقين: الاَول محافظ، والآخر: مجدد، وكان أتباع الفريق المحافظ أول الاَمر الحنابلة بنوعٍ خاص، ويمثلهم الآن الوهابيون، وهذا الفريق آخذ في الزوال، ويذهب هذا الفريق إلى أنّه </SPAN>


يجب على المؤمن أن يأخذ بالاتّباع «إتّباع السُنّة»، وأن يرفض الابتداع، وفريق آخر يسلّم بتغيّر البيئة والاَحوال (1).
فهناك إذاً توجه متطرّف في فهم «البدعة» وإعطائه معنىً شاملاً وواسعاً، مناقضاً للمعنى الوارد في القرآن والسُنّة النبوية الشريفة، ومناقضاً أيضاً لمنطق العقل وسُنّة الخلق، فهذا الاتجاه كما قلنا يطبّق مفهوم البدعة على كل أمر حادث في حياة المسلمين ويوسع دلالتها إلى مختلف شؤون الحياة بدعاوى الحرص على الدين والتقيد والاتّباع للسُنّة النبوية المطهّرة.
وهذا اللون من الفهم المغلوط والتفكير السقيم لا يعني سوى الانغلاق الكامل عن الحياة، والانزواء المطبق الذي يعزل الشريعة عن التفاعل مع حياة الناس، بل وقيادتهم في خضم الصراعات الكبرى التي تواجهها الاِنسانية.
ولكي يقف القارىء الكريم على الفهم المغلوط لمفهوم البدعة، نورد له في هذا الباب جملة من الحوادث والروايات لرجال وأشخاص فهموا البدعة على أنّها كل أمر حادث لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
1 ـ جاء في (الاعتصام) أنَّ أبا نعيم الحافظ روى عن محمد بن أسلم أنّه وُلد له ولد، قال ـ محمد بن القاسم الطوسي ـ فقال: اشترِ لي كبشين عظيمين، ودفع لي دراهم فاشتريت له، وأعطاني عشرة أُخرى، وقال لي: اشتر بها دقيقاً ولا تنخله، واخبزه !

____________
(1) دائرة المعارف الاِسلامية، دار المعرفة 3: 456.



قال: فنخلت الدقيق وخبزته، ثم جئت به، فقال: نخلت هذا ؟! وأعطاني عشرة أُخرى، وقال اشترِ به دقيقاً ولا تنخله، واخبزه ! فخبزته وحملته إليه، فقال لي: يا أبا عبدالله، العقيقة سُنّة، ونخل الدقيق بدعة ! ولا ينبغي أن يكون في السُنّة بدعة، ولم أُحب أن يكون ذلك الخبز في بيتي بعد أن كان بدعة (1).
2 ـ وروي أن رجلاً قال لابي بكر بن عياش: كيف أصبحت ؟ فما أجابه، وقال دعونا من هذه البدعة (2).
3 ـ وروي عن أبي مصعب صاحب مالك أنّه قال: قدم علينا ابن مهدي ـ يعني المدينة ـ فصلّى ووضَعَ رداءه بينَ يدي الصف، فلمّا سلَّم الاِمام رمقه الناس بأبصارهم ورمقوا مالكاً، وكان قد صلّى خلف الامام، فلّما سلَّم قال: من هاهنا من الحرس ؟ فجاءه نفسان، فقال: خذا صاحب هذا الثوب فاحبساه ! فحُبس، فقيل له: إنّه ابن مهدي، فوجّه إليه وقال له: أما خفتَ الله واتّقيته أن وضعت ثوبكَ بين يديك في الصف وشغلت المصلّين بالنظر إليه، وأحدثت في مسجدنا شيئاً ما كنا نعرفه، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في مسجدنا حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» ؟ فبكى ابن مهدي، وآلى على نفسه أن لايفعل ذلك أبداً في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا في غيره (3).
4 ـ ويقول ابن الحاج: وقد منع علماؤنا رحمة الله عليهم المراوح، إذ
____________
(1) الاعتصام، لابي اسحاق الشاطبي 2: 74.
(2) احياء علوم الدين، لابي حامد الغزالي 2: 251 كتاب العزلة.
(3) الاعتصام، لابي اسحاق الشاطبي 1: 116.



إنَّ اتخاذها في المساجد بدعة (1)!!
5 ـ ويقول أيضاً: إنّ المصافحة بعد الصلاة بدعة، وينبغي له ـ يقصد إمام الجماعة ـ أن يمنع ما أحدثوه من المصافحة بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر، وبعد صلاة الجمعة، بل زاد بعضهم في هذا الوقت فعل ذلك بعد الصلوات الخمسة، وذلك كله بدعة (2)!!
ومما تقدم من الشواهد والاَمثلة تتوضح معالم الفهم الخاطىء لمعنى البدعة، وأنّه ناشىء من الاعتقاد بأن كل أمر حادث لم يكن موجوداً في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرد بخصوصه نصٌّ معين يخصّه بالذكر، فهو داخل في دائرة الابتداع.
ومن هنا صار نخلُ الدقيق وتنقيته من الشوائب من البدع في الدين، وكذلك وضع الرداء بين يدي الصف في الصلاة من البدع التي تاب عن فعلها صاحبها !! ويلحق بذلك عند هؤلاء التحية بعبارة (كيف أصبحت) والمصافحة بعد الصلاة، واستخدام المراوح في المساجد أيضاً، فهذه وأمثالها عندهم كلها بدع.


أصل هذا الفهم
إنّ هذا الفهم الخاطىء «للبدعة» لم يتأت من فراغ، بل جاء من الاعتقاد بنظرية غريبة، وهي أنّ البدعة هي ما لم يكن موجوداً في القرون الثلاثة بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

____________
(1) المدخل، لابن الحاج 2: 217.
(2) المصدر السابق 2: 219.



يقول صاحب الهديّة السنية: «ومما نحن عليه، أنّ البدعة ـ وهي ماحدثت بعد القرون الثلاثة ـ مذمومة مطلقاً خلافاً لمن قال: حسنة وقبيحة، ولمن قسّمها خمسة أقسام، إلاّ إن أمكن الجمع بأن يقال: الحسنة ما عليها السلف الصالح شاملة للواجبة والمندوبة والمباحة، وتكون تسميتها بدعة مجازاً، والقبيحة ما عدا ذلك شاملة للمحرمة والمكروهة، فلا بأس بهذا الجمع...» (1).
إنّ هذه النظرية الشاذة الغريبة اعتمدت حسب ما يبدو على روايات وردت في فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد روى البخاري عن عمران بن الحصين، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير أُمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثاً، ثم إنّ بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السِّمَنُ (2).
وروى أيضاً عن عبدالله إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته، قال: قال إبراهيم: وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار)(3).
إنّ الاحتجاج بهذه الروايات على أنّها الميزان في تمييز البدعة عن السُنّة باطل من عدّة وجوه:

____________
(1) الهدية السنية، الرسالة الثانية: 51.
(2) فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني 7: 6 باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(3) المصدر السابق.



الاَول: إنّ القرن في اللغة هو النسل (1)، وقد استُعمل هذا المعنى في القرآن الكريم، قال سبحانه وتعالى: (فَأهلَكنَاهُم بِذُنُوبِهِم وَأنشأنَا مِنْ بَعدِهِم قَرناً آخَرِينَ) (2).
والمتعارف أنّ معدل عمر كل نسلٍ أو جيل هو الستون أو السبعون من السنين، فيكون المراد من تلك الروايات، مجموع تلك السنين وهو يتراوح بين 180 و 210 سنة فأين ذلك من تفسير الحديث المار بثلاثمائة سنة.
الثاني: إنّ شرّاح الحديث اختلفوا في تفسير الرواية، ومع ذلك فإنّ كلّ التفاسير لايستفاد منها ما تبنّاه الكاتب من أن القرون الثلاثة هي ثلاثمائة سنة، فهناك من يقول إنّ المراد في قوله: «قرني» هو أصحابه ومن «الذين يلونهم» أبناءهم ومن «الثالث» أبناء أبنائهم.. وغيره يقول بأنّ قرنه ما بقيت عين رأته، ومن الثاني ما بقيت عين رأت من رآه، ثم كذلك.
ويقول ثالث: إنّ قرنه هم الصحابة، والثاني التابعون، والثالث تابعوهم(3).
وعلى كلِّ التفاسير المارة فإنّ المدّة المفترضة هي أقل من ثلاثمائة سنة، فإذا أخذنا بالقول الاَخير وهو أعم الاَقوال وأكثرها سعة من ناحية الامتداد الزمني، فإنَّ آخر من مات من الصحابة هو أبو الطفيل وقد اختلفوا في تاريخ وفاته، فقد قيل أنّه توفي في سنة 120 هـ أو قبلها أو
____________
(1) العين، للخليل. اللسان، لابن منظور، مادة (قران).
(2) الانعام 6: 6.
(3) شرح صحيح مسلم، للنووي 16: 85.



بعدها بقليل، وأما قرن التابعين فآخر من توفي منهم كان عام 170 هـ أو 180 هـ وآخر من عاش من أتباع التابعين ممن يُقبل قوله قد توفي حدود سنة 220 هـ، فيقل تاريخ وفاته بثمانين سنة عن الثلاثمائة سنة وهو زمن كثير. وهذا مااعتمده ابن حجر العسقلاني، فقال: وفي هذا الوقت «220 هـ» ظهرت البدع فاشياً، وأطلقت المعتزلة ألسنتها، ورفعت الفلاسفة رؤوسها، وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن، وتغيّرت الاَحوال تغيّراً شديداً ولم يزل الاَمر في نقصٍ إلى الآن (1).
ويزيد الاَمر وضوحاً أنّ الحديث المروي قد اعتمد في تمييز القرن عن القرن الآخر الاَشخاص حسب طبقاتهم، حيثُ قال: «خير أُمتي قرني» ولم يقل القرن الاَول، ثم قال: «ثم الذين يلونهم» ولم يقل القرن الثاني، وأخيراً قال: «ثم الذين يلونهم» ولم يقل القرن الثالث، والاَمر هنا واضح الدلالة بما لا مزيد عليه من أنّ المحور في تعيين القرن هم الاَشخاص.
الثالث: ماذا يُراد من خير القرون وشرّها، وما هو المقياس في الوصف بالخير والشر ؟
إنّ هناك ثلاثة مقاييس يمكن استخدامها في وصف أمرٍ بالخير أو بالشر هي: ـ
1 ـ إنّ أهل القرن الاَول كانوا خير القرون لاَنّهم لم يختلفوا في الاُصول والعقائد.
2 ـ إنّهم خير القرون لاَنّهم كانوا جميعاً يعيشون تحت ظل الاَمن
____________
(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني 7: 4.



والسلم والطمأنينة.
3 ـ إنّهم خير القرون لاَنّهم تمسكوا بأهداف الدين وحققوا أهدافه على الصعيد العملي والتطبيقي.
إنّ كلّ واحد من هذه الافتراضات بكذبه القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة ووقائع التاريخ.
فإذا كان المقياس هو العقائد الصحيحة، وأنَّ المسلمين كانوا كلهم متمسكين بمعتقد واحد صحيح طيلة القرون الثلاثة الاُولى، وأنّ العقائد الباطلة والفاسدة ظهرت بعد تلك القرون، فإنّ تاريخ ظهور الملل والنحل في المجتمع الاِسلامي يكذّب ذلك الادعاء والتفسير، فقد ظهر الخوارج في أواخر الثلاثينات الهجرية وكانت لهم عقائد سخيفة خضّبوا بسببها وجه الاَرض بالدم وقتلوا الاَبرياء، ولم تكتمل المائة الاُولى حتى ظهرت المرجئة الذين دعوا المسلمين إلى التحلل من الضوابط والالتزامات الشرعية، رافعين عقيرتهم بالنداء بأنّه لا تضر مع الاِيمان معصية !
ولم يمضِ وقت طويل على ظهورهم حتى ظهر المعتزلة عام 105 هـ قبل وفاة الحسن البصري بقليل، فتوسع الشقاق بين المسلمين.
لقد شهدت المائة الهجرية الثانية توسع الاَبحاث الكلامية وانبعاث المذاهب المتعددة، وأصبحت حواضر العالم الاِسلامي ميداناً واسعاً لتضارب الآراء وصراع الاَفكار.
فمن متزمتٍ يقتصر في وصفه سبحانه وتعالى على الاَلفاظ الواردة في القرآن الكريم ويفسّرها بمعانيها الحرفية، من دون إمعان أو تدبر فلا يخجل من الادعاء بأنّ لله يداً ووجهاً ورجلاً وأنّه مستقر على عرشه </SPAN>


كما يستقر أي موجود مادي.
إلى مرجئي يكتفي بالاِيمان بالقول بل ويقدّمه، ويؤخر العمل ويسوق الاُمّة إلى التحلل الخلقي وترك الفرائض والواجبات، إلى محكِّم يُكفّر كلّ الطوائف الاِسلامية غير أهل نحلته، إلى معتزلي يؤوّل الكتاب والسُنّة إلى ما يوافق معتقده وعقليته، إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة التي طعنت وحدة الاُمّة الاِسلامية بالصميم.
وأما إذا كان المقياس هو سيادة الاَمن والاستقرار والسلم والطمأنينة على المجتمع الاِسلامي، فإنَّ وقائع التاريخ تكذّب ذلك أيما تكذيب، فقد كان القرن الاَول صفحة تلطّخت بالدم الذي سال من المسلمين، ففي هذا القرن وقعت حرب الجمل، وفيه خرج معاوية على إمام زمانه أمير المؤمنين عليه السلام فوقعت معركة صفين، وفيه قُتل في محرابه أمير المؤمنين علي عليه السلام.
وفيه ظهر الخوارج وارتكبوا ما ارتكبوا من أبشع الجرائم.
وفيه أيضاً قُتل الاِمام الحسين عليه السلام سبط الرسول الاَعظم وسيد شباب أهل الجنة.
وفيه استبيحت المدينة بأمر يزيد بن معاوية فقتل من الصحابة والتابعين عدد كبير ونهبت الاَموال وحرّقت الدور وبقرت بطون الحوامل وهتكت الاَعراض.
وفيه حوصرت مكة وضربت الكعبة بالمنجنيق.
لقد وقع كل ذلك قبل أن تتم المائة الاُولى سنينها، فكيف يمكن أن </SPAN>


يكون ذلك القرن خير القرون وأفضلها، صحيح إنَّ في وجود الرسول الاَكرم والطاهرين من أهل بيته والصالحين من أصحابه الخير كل الخير، لكن الحديث المذكور يشير إلى الاَشخاص «الاَصحاب» الذين كانوا هم أنفسهم وراء الكثير من الاَحداث الدموية.
وإذا كان المقياس هو التمسك بالدين والالتزام بالتعاليم التي جاء بها الرسول الاَكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلا ندري هل نصدّق الحديثين السابقين اللذين رواهما الشيخان، أم نصدّق بما أخرجاه معاً في مكان آخر، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يرد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فَيُحَلَّؤون عن الحوض، فأقول: يا ربي أصحابي، فيقول: إنّه لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقري» (1).
أم نؤمن بالحديث الذي تقدم في فصول الكتاب من أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لجملة من أصحابه يوم القيامة: «فسحقاً» يكررها ثلاث مرات ؟
وكيف نؤمن بذلك والقرآن الذي نزل تعرّض إلى جملة ممن عاصروا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فوصفهم بالمنافقين(2)، والمختفين به(3)، ومرضى القلوب(4)، والسماعين، كالريشة في مهب الريح(5)، والمشرفين على الارتداد(6)، والمسلمين غير المؤمنين(7)، والمؤلفة
____________
(1) جامع الاصول، لابن الاثير 10: 469 | 7998 طبعة دار الفكر.
(2) المنافقون 63: 1 ـ 8.
(3) التوبة 9: 101.
(4) الاحزاب 33: 12.
(5) التوبة 9: 45 ـ 47.
(6) آل عمران 3: 154.
(7) الحجرات 49: 14.



قلوبهم(1)، والمولّين أدبارهم أمام الكفار (2)، والفاسقين (3).
وكيف يا ترى مع وجود كل هذه النعوت والاوصاف التي أطلقها القرآن الكريم على أشخاص أو مجموعات من الناس كانت تعيش في أوساط المسلمين وتجتمع باجتماعهم، يصف الرسول تلك القرون بأنّها خير القرون ؟!
إنّ الذي يبدو واضحاً أنّ الحديث موضوع من أجل هدف خطير، وهو تصحيح كل أفعال السلف وجعلهم معياراً فاصلاً بين الحق والباطل، فما فعلوه فهو الحق وما تركوه هو الباطل !!
ونحن نعتقد أنّ عمل السلف ليس مصدراً من مصادر التشريع كما صوّره البعض وبنوا عليه كثيراً من الاَحكام الشرعية التفصيلية، مع أنّه ليس هناك أي دليل يشير إلى اعتبار فعل السلف وحجيته في مجال الاَحكام الشرعية.
إنّ قبول ذلك المعيار يعني استسلام الشريعة المقدسة إلى البدع والمحدثات، واختلاط الحرام بالحلال، والوقوع في تناقضات أفعال السلف التي طفحت بها كتب الرواية والحديث والوقائع التاريخية.
والاَمر الوحيد الذي نمتلكه بهذا الصدد، هو أنّ فعل المتشرعة الذين يمثلون الطبقة الطليعية في المجتمع الاِسلامي، والذين يحكي تصرفهم وسلوكهم عن واقع الاَحكام الشرعية، باعتبار حرصهم على تطبيق
____________
(1) التوبة 9: 60.
(2) الانفال 8: 16.
(3) الحجرات 49: 6.


ا
تعاليمها، والجري على منهجها، إنّما هو حجة من ناحية كونه كاشفاً عن تلقّي الاَمر عن مصدر التشريع.
ومن الواضح إنَّ هذه الدائرة لا يمكن أن تشمل في إطارها جميع أفعال السلف، بل انّها تقتصر في حجيتها على حدود خاصة منهم.
إنَّ افتراض الحجية لجميع أفعال السلف كلهم، يتناقض مع كونهم لم يقدّموا للاُمّة أمراً أجمعوا رأيهم عليه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومن يتصفح كتب التاريخ الاِسلامي والوقائع والاَحداث ونشوء المدارس وتنوع الاجتهادات وتضاربها لا يخالطه في ذلك ريب.
فكيف يكون المختلفون كلهم حجة على من أعقبهم من الاُمّة، مع أنّ الاختلاف بينهم كان بعضه بمقدار ما بين الجنة والنار من مسافة واختلاف؟!


ثانياً: عدم وجود دليل شرعي على الاَمر الحادث من الدين
وهذا القيد يعتبر من أوضح القيود التي تشخّص البدعة وتحددها، إذ إنّ من الشروط الاَساسية التي تُدخل «الاَمر الحادث» ضمن دائرة الابتداع هو أن لا يكون لهذا العمل أصل في الدين لا على نحو الخصوص ولا على وجه العموم..
قال تعالى: (وَمَنْ أظلَمُ مِمَّنِ افتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إنَّهُ لا يُفلِحُ الظَّالِمُون) (1).

____________
(1) الانعام 6: 21.



ويقول عزَّ من قائل: (قُل ءَاللهُ أذِنَ لَكُم أم عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) (1).
وواضحة دلالة الآيتين الشريفتين على أن هناك من يحاول إدخال ما ليس من الدين أو الشرع أو أوامر الله سبحانه وتعالى في الدين.
إنّ «الاَمر الحادث» هو الاَمر الذي يقع في زمن غياب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بحيث لا نملك اتجاهه سُنّة نبوية معروفة، وإلاّ لكان من السُنّة وخرج عن كونه أمراً حادثاً، ولذا فإن وجدنا دليلاً خاصاً ينطبق عليه ويحدد الموقف منه فإنَّ هذا الدليل يُخرج هذا الاَمر عن دائرة الابتداع، ويدخله ضمن دائرة السُنّة والتشريع.
وكذلك الاَمر لو وجدنا دليلاً عاماً يمكن تطبيقه على هذا الاَمر الحادث ، فإنّه سيخرجه عن حدِّ الابتداع أيضاً.
وكلّ ذلك منوط بصحة الاَدلة الخاصة والعامّة وصحة صدورها من الشارع المقدّس، لكي يتحقق ارتباط الاَمر الحادث بالدين على نحو القطع واليقين.
ولتوضيح فكرة الدليل الخاص والدليل العام على الاَمر الحادث سنورد المثال التالي:


استثناء ما ورد فيه دليل خاص
إنّ ورود دليل شرعي خاص بخصوص أمرٍ معيّن، وإن لم يقع في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإنَّ هذا الاَمر يأخذ موقعه في كونه جزءاً من التشريع بالعنوان الذي يذكره الدليل الخاص، ويخرج بذلك عن دائرة الابتداع، إذ
____________
(1) يونس 10: 59.



المقياس ليس وقوعه أو عدم وقوعه في عصر التشريع، بل المقياس هو انطباق الدليل الخاص عليه أم عدمه.
وسنوضح هذه الفكرة من خلال عدّة نماذج:
1 ـ تعتبر صلاة الآيات بالاَدلة الشرعية واجبة عند حدوث الظواهر الطبيعية المخوفة كالزلزال وغيره، فإذا افترضنا أنّ زلزالاً لم يقع طيلة حياة الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم أو طيلة عصر التشريع، وأنّ هذا الزلزال وقع بعد حياته صلى الله عليه وآله وسلم وانقطاع الوحي الاِلهي، فإنّ القول بوجوب أداء صلاة الآيات والمتعلقة في هذه الحالة «بالزلزلة» لا يُعدّ بدعة بحجة أنّ هذا الاَمر حادث ولم يقع في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم !!، بل إنّه هنا من صميم السُنّة الشريفة، لاَنّه وجب عن طريق الدليل الشرعي الخاص، غاية الاَمر أنّه لم يقع في زمن التشريع أو في زمن حياة الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
2 ـ ومن أمثلة الدليل الخاص أيضاً ما ورد من النصوص الشرعية التي تحرّم على الرجل أن يتزيّى بزي النساء، وتحرم على المرأة ان تتزيّى بزي الرجال.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنّه قال: «لعنَ اللهُ الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل» (1).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس منّا من تشبّه بالرجال من النساء، ولا من تشبّه بالنساء من الرجال»(2).

____________
(1) كنز العمال 8: 323 | 41235.
(2) كنز العمّال، لعلاء الدين الهندي 8: 324 | 41237.



إنّ تشبّه الرجال بالنساء، وتشبّه النساء بالرجال أخذ عنوانه الشرعي بالحرمة من خلال نصه الخاص، وتحريمه بعد وقوعه عقب زمن التشريع لا معنى لجعله ضمن دائرة «البدعة»، بل إنّ تحريمه يُعتبر من صميم التشريع لورود الدليل الخاص فيه.
وخلاصة القول: إنّ النصّ الخاص هو جزء من التشريع، وإن كان الاَمر الذي ورد فيه ذلك النص لم يحدث إلاّ بعد عصر التشريع.
جميع المواضيع و الردود تعبر عن الرأي الشخصي للعضو وادارة منتدى استراحة الغرباء لاتتحمل اية مسئولية اتجاه الغير

تنبيه
الموضوع الأصلي : مفهوم البدعة -||- المصدر : استراحة الغرباء -||- الكاتب : الاعرجي الحسيني

Untitled 2

اخر مواضيع منتدى استراحة الغرباء

↑ Grab this Headline Animator

توقيع الاعرجي الحسيني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاعرجي الحسيني
الاعرجي الحسيني

مفهوم    البدعة Stars13

رقم العضوية : 39
ذكر
عدد المساهمات : 999
نقاط : 1625
العمر : 68
<b><i>البلد</i></b>سوريا

احترام قوانين المنتدى :
مفهوم    البدعة Left_bar_bleue100 / 100100 / 100مفهوم    البدعة Right_bar_bleue

mmsmms

رسالة smsاللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلا بك، اللهم فهب لنا منك ما يرضيك عنا يا وهاب يا كريم.

مفهوم    البدعة Uoou_o12

مفهوم    البدعة Uoou_o10







بطاقة الشخصية
حكمتي بالحياة:

مفهوم    البدعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم البدعة   مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالجمعة 26 فبراير 2010, 5:07 am

تقسيم البدعة
لقد تقدّم في تعريف البدعة أنّها الزيادة في الدين أو النقصان منه، وبعبارة أُخرى إدخال ما ليس من الدين في الدين كاباحة محرّم أو تحريم مباح أو إيجاب ما ليس بواجب. وهو كما ترى يعتمد على محور الاضافة والحذف.
ومع هذا التعريف هل يمكن تقسيم البدعة الى حسنة وسيئة ؟
وقبل الاجابة التفصيلية على هذا السؤال يحسن أن نشير إلى أنَّ القول بتقسيم البدعة الى حسنة وسيئة يقوم على أساس عدم التفريق، أو الخلط بين البدعة بمعناها اللغوي ـ والتي هي بمعنى إحداث شيء ليس على مثال سابق ـ وبين معناها الاصطلاحي الشرعي، والذي هو بمعنى إدخال ما ليس من الدين في الدين، وإنقاص أمر من الدين على أنه ليس منه.
إنَّ الاَمر المحدث لا على مثال سابق يحتمل أن يكون مذموماً وأن يكون ممدوحاً أيضاً حسب موقعه انسجاماً أو تقاطعاً مع تعاليم الشريعة المقدسة.
إنّ البدعة بمعناها اللغوي تنسجم مع طبيعة تطور الحياة وتنوع حاجات الاِنسان على مرّ العصور، فما كان سائداً من طريقة للكتابة وأدواتها في العصور الاَُولى تطور عبر الازمان والاعصار وأصبح بالشكل الذي هو عليه اليوم.
</SPAN>


إنّ البدعة بالمعنى اللغوي قد تكون لها علاقة بالدين وقد لا تكون كذلك، وهي تنقسم إلى قسمين، إذ إن كلّ شيء محدث مفيد للحياة الانسانية من العادات والتقاليد والرسوم إذا تم أداءه من دون اعتباره جزء من الدين ولم يكن محرّماً «بذاته» كان بدعة حسنة، مثل الاحتفال بيوم الاستقلال، أو الاجتماع للبراءة من المشركين، أو الاحتفال التأبيني لتكريم بطل من أبطال الاُمّة، وبشكل عام فإنّ ما هو حلال بالذات لا مانع من أن تتفق عليه الاُمّة وتتخذه عادة متبعةً في المناسبات، ما لم يرد فيه نهي فهو بهذا المعنى بدعة لغوية.
أما إذا كان محرّماً «بالذات» مثل سفور النساء أمام الرجال، فلو أصبح ذلك رائجاً واتخذ عادة وتقليداً، فانّه أمر محرّم بالذات، أي أنّه عصيان للاَمر الاِلهي والتشريع، وهذه الحرمة لا تتأتى من كونه بدعة بالمعنى الشرعي بمعنى التدخل في أمر الدين وإنكار أنّ الحجاب جزء من التشريع الديني، فالقائلون بالسفور يحتجون بأنّ ذلك جزء من مقتضيات العصر والحضارة مع الاعتراف بأنّه مخالف للشريعة، ولو قيل أنّ السفور بدعة قبيحة فذلك بمعناها اللغوي لا بمعناها الشرعي.
ويتضح من خلال ذلك أنَّ أكثر الذين أطنبوا في الحديث في تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة قد خلطوا بين المعنى اللغوي للبدعة وبين معناها الشرعي، مستشهدين بذلك بأمثلة زاعمين أنّها من البدع بمعناها الشرعي مع أنّ أمرها يدور بين أمرين:
فهي أما أن يُعمل بها باسم الدين والشريعة، ويكون لها أصل فيهما، فتخرج بذلك عن دائرة البدعة، مثل تدوين الكتاب والسُنّة إذا توفرت الخشية عليهما من التلف والضياع، وبناء المدارس وغيرها، فمثّلوا </SPAN>للبدعة الواجبة بالتدوين، وللبدعة المستحبة ببناء المدارس، مع أنّهما ليسا من البدعة بمعناها الشرعي، لوجود أصل صالح لهما في الشريعة.
أو أنّها عمل عادي يتم العمل بها ليس باسم الدين بل من أجل ضرورات تطور الحياة وطلب الراحة، فتكون خارجة عن موضوع البدعة بمعناها الشرعي أيضاً مثل نخل الدقيق، فقد ورد أنّ أول شيء أحدثه الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اتخاذ المناخل ولين العيش من المباحات. وهذه حالة يصح إطلاق البدعة عليها بمعناها اللغوي، أي الاتيان بشيء جديد لاعلى مثال سابق.
وقد وافق هذا القول جملة من المحققين منهم الشاطبي، قال: إنّ متعقّل البدعة يقتضي ذلك بنفسه، لاَنّه من باب مضادة الشارع واطّراح الشرع، وكل ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح، وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يُذم، إذ لايصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع.. وأيضاً فلو فرض أنّه جاء في النقل استحسان بعض البدع أو استثناء بعضها عن الذم لم يتصور، لاَنّ البدعة طريقة تضاهي المشروعة من غير أن تكون كذلك. وكون الشارع يستحسنها دليل على مشروعيتها إذ لو قال الشارع: «المحدثة الفلانية حسنة» لصارت مشروعة، ولمّا ثبت ذمها ثبت ذم صاحبها لاَنّها ليست بمذمومة من حيث تصورها فقط، بل حيثُ اتصف بها المتصف، فهو إذن المذموم على الحقيقة، والذم خاصة التأثيم، فالمبتدع مذموم آثم، وذلك على الاطلاق والعموم(1)،

____________
(1) الاعتصام، للشاطبي 1: 142.



وقال العلاّمة المجلسي: إحداث أمر لم يرد فيه نص بدعة، سواء كان أصلهُ مبتدعاً أو خصوصياته مبتدعة فما يقال: إنّ البدعة منقسمة بانقسام الاَحكام الخمسة أمرٌ باطل، إذ لا تطلق البدعة إلاّ على ما كان محرّماً كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار» (1).


أدلة عدم جواز تقسيم البدعة
وأما الاَدلة على عدم جواز تقسيم البدعة فسوف نعرض أهمها، وكما يأتي:
الدليل الاَول: إنّ التدقيق في المعنى الاصطلاحي لمفهوم البدعة الذي ورد مستفيضاً في النصوص الشرعية، يقضي بعدم إمكانية تقسيم البدعة، فالبدعة في الاصطلاح الشرعي هي: «إدخال ما ليس من الدين فيه» وقد مرَّ ذلك، ويعني هذا أنّ البدعة إنّما تكون «بدعة» عندما تأخذ صفة التشريع الوضعي في مقابل التشريع الاِلهي المقدس، فهل يمكن أن نتصور أنّ هناك قسماً من «البدعة» ممدوح، وهو يمثل محاولة لتقويض الدين وقوانينه ؟ وهل يدخل تحت واحد من الاَحكام الشرعية الخمسة سوى التحريم ؟
إنّ شأن الابتداع في المصطلح الشرعي شأن الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل يعقل أن يكون هناك لون ممدوح من الكذب على الله ورسوله ؟
إنّ البدعة في الاصطلاح الشرعي تأبى التقسيم، وهي محرّمة مطلقاً
____________
(1) البحار، للمجلسي 2: 303 | 43.



لاَنها ـ كما علمت ـ تدخّل صريح في التشريع الاِلهي وتلاعب فيه.
الدليل الثاني: إنَّ جوّ النصوص التي تحدثت عن البدعة، جوّ يفيض بالذمّ والتهديد والوعيد للمبتدع، فقد مرّت علينا النصوص التي جعلت البدعة ندّاً مقابلاً للسنة، وضداً لا يلتقي معها أبداً، وذمت المبتدع وكالت له أنواع الذم والتوبيخ والتقريع والتهديد، وأوعدته بالعذاب العظيم في الدنيا والآخرة، بل دعت الناس إلى مقاطعته وهجرانه وهددت بالعذاب من يلقاه بوجه صبوح، وقالت بعدم قبول توبته، وهذا من أقسى أنواع التهديد والعقاب. ومع وجود كلّ هذه الاَلوان من التهديد والوعيد، فهل يمكن أن يكون هناك نوع ممدوح من البدعة ؟ إنّ البدعة معصية ولم يسمع أحد أنّ الله أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم قد مدح المعصية.
واقتصار النصوص الواردة في ذكر البدعة على الذمّ والانتقاد الشديد يبطل مقولة البدعة الحسنة فلو كان هناك نحو من أنحاء الاستثناء في موارد معينة مفترضة حتى لو كانت جزئية، لما تجاوزتها الشريعة المقدسة أو تجاهلتها.
إنّ هناك صفات وأعمالاً تناولتها النصوص الصريحة من الكتاب والسُنّة الشريفة، بالذم الشديد والتحذير لفاعليها، مثل صفة «الكذب» إلاّ أنّ الشريعة لم تتجاهل في الوقت نفسه بعض الموارد التي يرتفع فيها موضوع الذم، حتى إننا نرى أنَّ هناك نصوصاً في الشريعة شديدة الصراحة على استثناء بعض أنواع الكذب من أصل التحريم، إذ قد يخرج الكذب من دائرة التحريم الى دائرة الوجوب، فيما لو توقف عليه صيانة نفس مؤمنة من القتل أو الهلاك.
</SPAN>


وكذلك الاَمر مع «الغيبة» هذه الخصلة المذمومة الممقوتة في نظر الشريعة، إذ ورد الحكم في جوازها في بعض الموارد كجواز اغتياب الفاسق المتجاهر بالفسق.
الدليل الثالث: ورد في الحديث المتّفق عليه عند الفريقين أنَّ الرسول محمداً صلى الله عليه وآله وسلم قال: «...ألا وكل بدعة ضلالة، ألا وكل ضلالة في النار» (1). وورد بلفظ آخر: «فإنّ كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة تسير إلى النار» (2)
ودلالة الحديث بلفظيه على شمول جميع أنواع البدع بإنّها ضلالة لاتحتاج منا إلى المزيد من الايضاح، ولا تقبل الجدل والاِنكار.


مواقف العلماء من تقسيم البدعة
ما تقدم كان استعراضاً للاَدلة على عدم جواز تقسيم البدعة إلى مذمومة وحسنة، وننقل القاريء الكريم الآن إلى مطالعة النصوص التالية لعلماء من الفريقين قالوا بعدم جواز تقسيم البدعة:
1 ـ الحافظ ابن رجب الحنبلي، قال: «والمراد بالبدعة: ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، أما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعاً، وإن كان بدعة لغة» (3). ويضيف قائلاً: «فقوله صلى الله عليه وآله وسلم «كلّ بدعة ضلالة» من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا
____________
(1) بحار الانوار، للمجلسي 2: 263 | 12 كتاب العلم باب 32.
(2) كنز العمال، لعلاء الدين الهندي 1: 221 | 1113.
(3) الاساس في السُنة وفقهها، لسعيد حوّى: 361، عن جوامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي: 333.
ما ليس منه فهو ردٌّ»، فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء من ذلك مسائل الاعتقادات، أو الاَعمال، أو الاَقوال الظاهرة والباطنة»(1).
2 ـ ابن حجر العسقلاني، قال: المحدَثات، جمع مُحدَثة، والمراد بها ماأُحدث وليس له أصل في الشرع، ويسمى في عرف الشرع (بدعة)، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة، فإنّ كل شيء أُحدث على غير مثال يسمى بدعة، سواء كان محموداً أو مذموماً، وكذا القول في المحدثة، وفي الاَمر المحدث الذي ورد في حديث عائشة: (ما أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ) (2).
3 ـ أبو اسحاق الشاطبي: يقول بشأن النصوص الشرعية التي تناولت مفهوم البدعة بالذم: «إنّها جاءت مطلقة عامة على كثرتها، لم يقع فيها استثناء البته، ولم يأتِ فيها مما يقتضي أنَّ منها ما هو هدى، ولا جاء فيها: كل بدعةٍ ضلالة إلاّ كذا وكذا، ولا شيء من هذه المعاني، فلو كان هنالك مُحدثة يقتضي النظر الشرعي فيها الاستحسان، أو أنّها لاحقة بالمشروعات لذُكر ذلك في آيةٍ أو حديث، لكنه لا يوجد، فدلَّ على أنّ تلك الاَدلة بأسرها على حقيقة ظاهرها في الكلّية، التي لا يتخلف عن مقتضاها فرد من الاَفراد.. إنَّ متعقَّل البدعة يقتضي ذلك بنفسه، لاَنّه من باب مضادة الشارع واطّراح الشرع، وكل ما كان بهذه المثابة فمحال أن
____________
(1) البدعة ـ تعريفها ـ أنواعها ـ أحكامها، لصالح الفوزان: 8.
(2) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني 4: 252.



ينقسم إلى حسن وقبيح، وأن يكون منه ما يُمدح وما يُذم» (1).
ثم يقول منتقداً رأي القائلين بتقسيم البدعة إلى أحكام الشريعة الخمسة: «إنَّ هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي، بل هو في نفسه متدافع لاَنَّ من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي، لامن نصوص الشرع، ولا من قواعده، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوبٍ أو ندبٍ، أو إباحةٍ، لما كان ثَمَّ بدعة، ولكان العمل داخلاً في عموم الاَعمال المأمور بها، أو المُخيّر فيها، فالجمع بين تلك الاَشياء بدعاً، وبين كون الاَدلة تدل على وجوبها، أو ندبها، أو إباحتها، جمع بين مُتنافيين» (2)..
4 ـ الشهيد الاَول: قال في (قواعده): «محدثات الاَُمور بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تنقسم أقساماً، لا تطلق اسم البدعة عندنا إلاّ على ما هو محرم منها...» (3).
5 ـ العلاّمة الشيخ محمد باقر المجلسي، يقول في توضيح قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كل بدعة ضلالة» «يدلُّ على أنَّ قسمة بعض أصحابنا البدعة إلى أقسام تبعاً للعامة باطل فإنها إنما تطلق في الشرع على قولٍ أو فعلٍ أو رأيٍ قرر في الدين، ولم يرد فيه من الشارع شيء، لاخصوصاً ولا عموماً، ومثل هذا لا يكون إلاّ حراماً، أو افتراءً على الله ورسوله..» (4).

____________
(1) الاعتصام، لابي اسحاق الشاطبي 1: 141.
(2) الاعتصام، لابي اسحاق الشاطبي 1: 191 ـ 192.
(3) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، لمحمدباقر المجلسي 1: 193.
(4) بحار الانوار، للمجلسي 71: 203.




الفصل الثالث
أسباب نشوء البدعة
إنّ ما قدمناه من الاَحاديث والروايات قد يعطينا تصوراً كاملاً عن خطورة هذا الاَمر من خلال شدّة التحذير من الابتداع، بل وحتى من مرافقة المبتدعين.. كل ذلك من أجل أن تعي الاُمّة أيَّ خطر يتهددها إنْ هي سارت وراء المبتدعين والمحدِثين في الدين.
روي عن ابن مسعود أنّه قال: «خط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطاً بيده، ثم قال: »هذا سبيل الله مستقيماً «ثم خط خطوطاً عن يمين ذلك وعن شماله ثم قال: «وهذه السُبل، ليس من سبيل إلاّ عليه شيطان يدعو إليه «ثم قرأ: (وأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيماً فاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ)» (1).
ويروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم وهو يذكّر الاُمّة بالسنن التاريخية وما جرى على الاُمم السابقة، قوله: «كل ما كان في الاُمم السالفة فإنَّه يكون في هذه الاُمّة مثله، حذو النعل بالنعل والقُذّة بالقُذّة «(2).

____________
(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور، لجلال الدين السيوطي 3: 56. والآية من سورة الانعام 6: 153.
(2) بحار الانوار، للمجلسي 28: 10 | 15 باب 1. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: حذو النعل بالنعل والقُذّة بالقُذّة «، «مثل يُضرب للشيئين يستويان ولا يتفاوتان» والقُذّة: ريشة الطائر كالنسر والصقر.



ويقول صلى الله عليه وآله وسلم مفسراً قوله تعالى: (لَتَركَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) «حالاً بعد حال، لتركبنَّ سُنّة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل، والقُذّة بالقُذّة، لاتخطئون طريقهم ولا يخطأ، شبر بشبر، وذراع بذراع، وباع بباع، حتى إنّه لو كان مَن قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى تعني يارسول الله ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: فمن أعني ؟ لتنقضن عرى الاِسلام عروة عروة، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الاَمانة، وآخره الصلاة «(1).
لقد بلّغ الرسول الاَكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الرسالة على أكمل وجه وكانت أفعاله وسنّته الشريفة محطّ أنظار المسلمين مما لا يدع المجال للاجتهادات الشخصية أو الاختلاف، فلماذا إذن حدثت البدع من بعده ؟
هذا هو السؤال الذي سنحاول اكتشاف جوابه في النقاط الآتية:


أولاً: توّهم المبالغة في التعبّد لله تعالى
ونعني بذلك الخروج عن الحدّ المعقول في التعبّد لله تعالى، أو بعبارة أُخرى الاتيان بشيء مخالف لتعاليم الشريعة تحت عنوان الاجتهاد في العبادة لله تعالى ومن أمثلة ذلك:
1 ـ استأذن عثمان بن مظعون النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الاستخصاء، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس منّا من خصي أو اختصى، إنَّ اختصاء أُمّتي الصيام، إلى أن قال: ائذن لي في الترهب، قال: إنَّ ترّهب أُمتي الجلوس في
____________
(1) بحار الانوار، للمجلسي 28: 80 | 11 باب 1 كتاب الفتن والمحن. والآية من سورة الانشقاق 4: 19.



المساجد لانتظار الصلاة» (1).
ونحن نسأل عن هذا الدافع الذي يدفع ابن مظعون ليطلب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يخصي نفسه أو أن يترهب ! إنّه ليس له من دافع سوى أنّه يرى أنّ ممارسة الحياة الاجتماعية على طبيعتها إنّما يكون سبباً لانصراف الانسان عن التوجه نحو العبودية لله سبحانه وتعالى ! لكن أليس ذلك تطرّفاً في فهم العبودية لله ؟ كل ذلك يجري والرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيٌّ بينهم وهم يشهدون سيرته وهو أعظم الناس عبودية لربّه وأعظمهم معرفة به وقرباً إليه.
2 ـ ونظير ذلك ما رواه الكليني عن الامام الصادق عليه السلام قال:... «إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة، فلما انتهى إلى كراع الغميم دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر، فشرب وأفطر، ثم أفطر الناس معه، وثَمَّ أُناس على صومهم، فسمّاهم العصاة، وإنّما يؤخذ بآخر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» (2).
فهل في موقف هؤلاء العجيب ما يمكن تفسيره سوى ظنّهم أنَّهم ببقائهم على صيامهم يتقربون أكثر إلى الله ؟! وهم إنّما يخالفون حكماً حكم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !
3 ـ روى جابر بن عبدالله: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في سفر فرأى رجلاً عليه زحام قد ظُلِّل عليه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما هذا ؟» قالوا: صائم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس من البرِّ الصيام في السفر» (3).

____________
(1) الاعتصام، للشاطبي 1: 325.
(2) الكافي، للكليني 4: 127 | 5 باب كراهية الصوم في السفر.
(3) مسند أحمد 3: 319 و 399.



إنّ الانسان الساذج الذي لا يفهم الدين بصورة صحيحة يتخيّل أنّه لو بقي على صيامه في السفر فإنَّ عمله سيكون أكثر قبولاً عند الله تبارك وتعالى، لاَنّه تحمل فيه مشقّة أكبر !
4 ـ والاَعجب من ذلك ما رواه مالك في الموطأ: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلاً قائماً في الشمس فقال: «ما بال هذا» ؟ قالوا: نذر أن لا يتكلم ولايستظلّ من الشمس، ولا يجلس، ويصوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مروه فليتكلم وليستظلّ وليجلس وليتم صيامه» (1).
5 ـ وروى البخاري عن قيس بن أبي حازم: دخل أبو بكر على امرأة... فرآها لا تكلَّمُ فقال: ما لها لا تَكلَّمُ ؟ قالوا: حجَّت مُصمتة، قال لها: تكلمي فإنّ هذا لا يحلّ، هذا من عمل الجاهلية فتكلّمت.. (2).
6 ـ وروي عن الزبير بن بكّار أنّه قال: «سمعتُ مالك بن أنس وقد أتاهُ رجل فقال: يا أبا عبدالله من أين أحرم ؟ قال: من ذي الحليفة، من حيثُ أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم...، قال: فإنّي أُريد أن اُحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل فإنّي أخشى عليك الفتنة. فقال: وأي فتنةٍ هذه ؟ إنّما هي أميال أزيدها ! قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنّك سبقتَ إلى فضيلة قصّر عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ إنّي سمعتُ الله يقول: (... فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمرِهِ أنْ تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أليمٌ) (3).
7 ـ «روي أن سلمان الفارسي رضي الله عنه جاء زائراً لاَبي الدرداء فوجد أُمَّ
____________
(1) موطأ مالك: 309 | 9 كتاب الايمان والنذور، طبعة دار الكتاب العربي ـ بيروت.
(2) صحيح البخاري 5: 52 باب أيام الجاهلية، ط مؤسسة التاريخ العربي.
(3) الاعتصام، لابي اسحاق الشاطبي 1: 132. والآية من سورة النور 24: 63.



الدرداء مبتذلة، فقال: ما شأنكِ ؟ قالت: إن أخاك ليست له حاجة في شيء من أمر الدنيا.
فلما جاء أبو الدرداء رحّب بسلمان وقرَّب إليه طعاماً، فقال لسلمان: أطعم، فقال: إنّي صائم. قال: أقسمت عليك إلاّ ما طعمت. فقال سلمان: ما أنا بآكل حتى تأكل، وبات عنده، فلما جاء الليل قام أبو الدرداء، فحبسه سلمان، وقال: يا أبا الدرداء، إنّ لربّك عليكَ حقاً، وانَّ لجسدك عليك حقاً، ولاَهلك عليك حقاً، فصُم وافطر، وصلِّ ونم، واعطِ كلَّ ذي حقٍ حقّه. فأتى أبو الدرداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بما قال سلمان، فقال له مثل قول سلمان»(1).
8 ـ في حديث طويل عن الاِمام الصادق عليه السلام: «إنّ الصحابي سعد بن أشجع قال: إنّي أُشهد الله، وأُشهد رسوله، ومن حضرني، أنّ نوم الليل عليَّ حرام، والاَكل بالنهار عليَّ حرام، ولباس الليل عليَّ حرام، ومخالطة الناس عليَّ حرام، وإتيان النساء عليَّ حرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا سعد لم تصنع شيئاً، كيف تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، إذا لم تخالط الناس، وسكون البرية بعد الحضر كفر للنعمة، نَمْ بالليل، وكُل بالنهار، والبس ما لم يكن ذهباً، أو حريراً، أو معصفراً، وآتِ النساء..» (2).
9 ـ روي عن أنس أنّه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما أُخبروا، كأنّهم استقلّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟، قال أحدهم:
____________
(1) بحار الانوار، للمجلسي 67: 128 | 14 باب 51 عن تنبيه الخواطر 1: 2.
(2) بحار الانوار، للمجلسي 67: 128 ـ 129 | 15 باب 51 عن نوادر الراوندي: 25 ـ 26.
أما أنا فإني أُصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إنّي لاَخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم، وأفطر، وأُصلي، وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني..» (1).
هكذا يتوهّم هؤلاء أنّهم بقيامهم ببعض الاَعمال ذات الطابع العبادي، يجهدون بها أنفسهم، إنّما يتقربون بذلك إلى الله أكثر مما لو اقتصروا على ماجاءت به الشريعة من الاَعمال العبادية.
ومثلما يتحدث القرآن الكريم عن الجهاد في سبيل الله، فإنّه يتحدث أيضاً عن نصيب الحياة الذي يجب ان يأخذه الاِنسان من دُنياه: (قُلْ مَنْ حَرّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتي أخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيّباتِ مِنَ الرِّزقِ قُلْ هِيَ للَّذينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنيا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ...) (2).
إنَّ القرآن الكريم وفي أماكن متعددة يشجب ظاهرة الرهبنة وتحميل النفس للمشاق والصعوبات البالغة مما لم يأمر به الله سبحانه وتعالى، وفي مقابل ذلك وجّه الانسان والمجتمع نحو السلوك المتوازن الذي يحفظ معاً حقّ الله وحقَّ الناس وحقّ النفس.
إنَّ ظاهرة الرهبنة تعبّر عن أوضح صورة لاعتزال الحياة وبالتالي انصراف الانسان عن دوره الرسالي التغييري، وهي تنشأ عادةً لدى الاَفراد بسبب الاعتقاد بأنَّ تكثيف الجانب الروحي العبادي على حساب
____________
(1) صحيح البخاري 7: 2 كتاب النكاح، طبعة مؤسّسة التاريخ العربي ـ بيروت.
(2) الاعراف 7: 32.



الجوانب الاُخرى هو الموجب للاقتراب من رضى الله سبحانه وتعالى..:
عن ابن مسعود قال: كنتُ رديف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حمار، فقال: «يا ابن أُمّ عبد، هل تدري من أين أحدثت بنو اسرائيل الرهبانية ؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى، يعملون بمعاصي الله، فغضب أهل الايمان، فقاتلوهم، فهُزم أهل الايمان ثلاث مرات، فلم يبق منهم إلاّ القليل، فقالوا: إنْ ظهرنا لهؤلاء أفنونا ولم يبقَ للدين أحدٌ يدعو إليه، فتعالوا نتفرق في الاَرض، إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا به عيسى ـ يعنون محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ـ فتفرقوا في غيران الجبال، وأحدثوا رهبانية، فمنهم من تمسّك بدينه، ومنهم من كفر، ثم تلا هذه الآية: (ورهبانيةً ابتدَعُوها ما كتبناها عَليهم إلاّ ابتِغاء رضوانِ اللهِ فما رَعوَها حقَّ رعايتها فآتينا الذينَ آمنُوا مِنهم أجرَهُم وكثيرٌ منهم فاسِقُونَ) (1)، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا ابن أُمّ عبد، أتدري ما رهبانية أُمتي ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة..»(2).



____________
(1) الحديد 57: 27.
(2) مجمع البيان، للطبرسي 9: 308.



إنَّ المبتدع وإنْ لم يكن متنبئاً أو مُدّعياً للنبوّة إلاّ أنَّ عمله يُعدُّ نوعاً من أنواع التنبؤ، لاَنه يأتي بدين جديد، أو بشيء لم تفرضه الشريعة جزءاً من الدين، أو يحذف شيئاً جعلته الشريعة جزءاً من الدين، وقد دلّت روايات كثيرة على هذا المعنى.
إنَّ بعض البدع تنشأ من الهوى، فقد خطب أمير المؤمنين علي عليه السلام الناس، فقال: «أيُّها الناس إنّما بدء وقوع الفتن: أهواءٌ تُتبع، وأحكام تبتدع، يخالَف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجالٌ رجالاً..» (1).
إنَّ رغبة الظهور تلعبُ دوراً كبيراً في حياة الانسان، وإذا ما انفلتت هذه الرغبة من القيود الشرعية، وتُركت تنمو وتتصاعد حتى تسيطر على مشاعر الانسان وتتدخل في رسم سلوكه العام فإنّها في نهاية المطاف ستدفع بصاحبها إلى ادعاء المقامات الرفيعة التي تختص بالانبياء.
روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة أنَّ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام مرَّ بقتلى الخوارج بعد معركة النهروان فقال: «بؤساً لكم لقد ضرّكم من غرّكم، فقيل له: من غرّهم يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام: الشيطان المُضلّ، والنفس الاَمارة بالسوء، غرتهم بالاَماني وفسحت لهم في المعاصي ووعدتهم الاظهار فاقتحمت بهم النار» (2).
قال تعالى: (... ومَن أضَلُّ مَمَّن اتَّبعَ هَوَاهُ بِغيرِ هُدىً مِّن اللهِ...) (3).

____________
(1) الكافي، للكليني 1: 54 | 1 باب البدع.
(2) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 19: 235.
(3) القصص 28: 50.



وقال عزَّ من قائل: (... ولا تتَّبعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهم عَذَابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الحِسَابِ) (1).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «ما تحت ظِلِّ السماء من إلهٍ يُعبد من دون الله أعظم عند الله من هوىً مُتّبع» (2).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّما أخافُ عليكم أثنتين: اتبّاع الهوى، وطول الاَمل، أما اتّباع الهوى فإنّه يصدُّ عن الحق، وأما طول الاَمل فيُنسي الآخرة» (3).
وعن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم، فليس شيءٌ أعدى للرجال من اتّباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم»(4).
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «يقول الله عزَّ وجل، وعزّتي وجلالي وعظمتي وكبريائي، ونوري، وعلوّي، وارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواه على هواي، إلاّ شتّتُ عليه أمره، ولبّستُ عليه دنياه، وشغلتُ قلبه بها، ولم أوته منها إلاّ ما قدّرت له...» (5).
لقد شهد تاريخ الاسلام منذ قرون معارك وحروباً وانحرافات ومذاهب وفرقاً وبدعاً جاءت كلها بسبب اتّباع الاَهواء والابتعاد عن جادة الصواب..
____________
(1) صَ 38: 26.
(2) مجمع الزوائد، لنور الدين الهيثمي 1: 188 باب في البدع والاهواء.
(3) اصول الكافي، للكليني 2: 335 | 3 باب اتباع الهوى.
(4) اصول الكافي، للكليني 2: 335 | 1 باب اتباع الهوى.
(5) اُصول الكافي، للكليني 2: 335 | 2 باب اتّباع الهوى.



ولذلك كلّه كانت التأكيدات النبوية على محاربة هوى النفس، لاَنّ من تمكن من نفسه وسيطر على هواه يكون في منجاة من كل أنواع الضلالة والهلكة.


ثالثاً: التسليم لغير المعصوم
إنّ من أسباب نشوء البدع: التسليم لمن هو دون المعصوم، وجعله في مصاف مصادر التشريع، لاَن غير المعصوم يصيب ويخطىء، وقد يكذب أحياناً فيكون التسليم لقوله واتّباعه سبباً للانحراف والابتداع والكذب على الله ورسوله.
إنَّ النبي الاَكرم محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين، وكتابه القرآن الكريم خاتم الكتب، وشريعته خاتمة الشرائع، فلا حكم إلاّ ما حكم به، ولا سُنّة إلاّ ماسنّهُ، والخروج عن هذا الاطار يمهد الطريق للمبتدعين.
قال الاِمام الباقر عليه السلام: «يا جابر إنّا لو كنّا نحدِّثكم برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ولكنّا نحدِّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يكنز هؤلاء ذهبهم وورقهم» (1).
إنَّ هناك ظاهرة في حياة أئمة أهل البيت عليهم السلام تستحق التأمل، وهي أنّ أي واحد منهم لم يتلق العلم كما يتلقاه الناس بالتطواف على المدن والحواضر والمدارس وحلقات الحديث، بل إنّهم يتوارثون العلم أباً عن جدٍ حتى يتصلون بعلمهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي شواهد حياتهم ما يبعث العجب للدارس المحايد، حتى لقد تمكن الامام الجواد عليه السلام من أن يُفحم
____________
(1) بصائر الدرجات، لابن فروخ الصفار: 318 | 1 باب 14. والاختصاص، للمفيد: 280 طبعة مؤسّسة الاَعلمي ـ بيروت.



ـ وهو الذي كان لم يتجاوز من عمره عقده الاَول ـ فحول العلماء والمحدّثين في زمن المأمون ممن طعنوا بإمامته.. وقصة حواره معروفة دوّنتها كتب التاريخ (1).
وهذا يعني أنَّ هؤلاء الاَئمة الطاهرين هم الطريق الصحيح الموصل إلى المصدر الصافي والمعين النقي للسُنّة النبوية الشريفة وعلم الكتاب وتأويل القرآن وفهم التشريع.
وعندما تنكّبت الاُمّة هذا الطريق والمحجة كثرت البدع والضلالات.

____________
(1) الاحتجاج، للطبرسي 2: 465 ـ 482، باب احتجاجات الاِمام أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليهما السلام.
جميع المواضيع و الردود تعبر عن الرأي الشخصي للعضو وادارة منتدى استراحة الغرباء لاتتحمل اية مسئولية اتجاه الغير

تنبيه
الموضوع الأصلي : مفهوم البدعة -||- المصدر : استراحة الغرباء -||- الكاتب : الاعرجي الحسيني

Untitled 2

اخر مواضيع منتدى استراحة الغرباء

↑ Grab this Headline Animator

توقيع الاعرجي الحسيني


عدل سابقا من قبل الاعرجي الحسيني في الجمعة 26 فبراير 2010, 6:24 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاعرجي الحسيني
الاعرجي الحسيني

مفهوم    البدعة Stars13

رقم العضوية : 39
ذكر
عدد المساهمات : 999
نقاط : 1625
العمر : 68
<b><i>البلد</i></b>سوريا

احترام قوانين المنتدى :
مفهوم    البدعة Left_bar_bleue100 / 100100 / 100مفهوم    البدعة Right_bar_bleue

mmsmms

رسالة smsاللهم إنك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلا بك، اللهم فهب لنا منك ما يرضيك عنا يا وهاب يا كريم.

مفهوم    البدعة Uoou_o12

مفهوم    البدعة Uoou_o10







بطاقة الشخصية
حكمتي بالحياة:

مفهوم    البدعة Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم البدعة   مفهوم    البدعة I_icon_minitimeالجمعة 26 فبراير 2010, 5:39 am

الفصل الرابع
دور أهل البيت عليهم السلام في محاربة البدع
يطول بنا المقام حين نحاول استقصاء دور أئمة أهل البيت عليهم السلام في مواجهة البدع ومحدثات الاَُمور والضلالات التي نشأت منذ أول يوم ارتحل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الملاَ الاَعلى، فقد كانوا وخلال مختلف الاَدوار التي مرّت بها الاُمّة الملاذ والمنهل الذي يجد عنده الصادي الرواء، والمتعطش للعلم والمعرفة ما يروي به حبّه للعلم من مصادره الاَصيلة الحيّة المتصلة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
إنّ في حياة أمير المؤمنين علي عليه السلام ومواقفه قبل خلافته وتسلّمه العملي للسلطة وفي حياة ابنه الامام الحسن عليه السلام والامام الحسين عليه السلام وبقية الاَئمة الطاهرين آيات باهرات من المواقف التي بقيت خالدة على مرَّ التاريخ. رجال الكشي 2: 488 | 398. ولمزيد من التفصيل راجع كتاب تاريخ الاِسلام الثقافي والسياسي ـ مسار الاِسلام بعد الرسول ونشأة المذاهب، للاُستاذ صائب عبدالحميد: 817 ـ 827.
جميع المواضيع و الردود تعبر عن الرأي الشخصي للعضو وادارة منتدى استراحة الغرباء لاتتحمل اية مسئولية اتجاه الغير

تنبيه
الموضوع الأصلي : مفهوم البدعة -||- المصدر : استراحة الغرباء -||- الكاتب : الاعرجي الحسيني

Untitled 2

اخر مواضيع منتدى استراحة الغرباء

↑ Grab this Headline Animator

توقيع الاعرجي الحسيني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

مفهوم البدعة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» محاربة البدعة
» مفهوم وحدة الوجود
صفحة 1 من اصل 1

خدمات الموضوع
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ مفهوم البدعة ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إستراحة الغرباء :: المكتبة الأسلامية :: المكتبة الهامة للغرباء-
©phpBB | انشاء منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع