بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في التوجه إلى الله تعالى
لمؤلف مجهول
اعتنى بها
حسين علي اليدري
الحمد لله ذي الفضل والمنة، الممتن على عباده الخاطئين بكثرة وسعة عفوه ورحمته ودخول الجنة، والصلاة والسلام على سيد السادات وأفضل من مشى في الأرض والفلوات، وعلى آله وصحبه أهل الصلاح والطاعات.
أما بعد..
فإن من أشرف العلوم التي امتن الله بها علينا وفضلنا بها على كثير من الناس علم التصوف، الذي هو في أصله ومضمونه شريعة الإسلام قد صيغت صياغة لضبط العلاقات المختلفة، سواءاً كانت علاقة الإنسان مع خالقة تأدباً، أو علاقته مع نفسه تطهراً، أو مع الناس والكون تفكراً ونظاماً.
ولذلك تجد أن هذا العلم هو ضابط ورقيب على الإنسان من داخله، يصحح الاعوجاج ويقوم المنهاج، ويرد الإنسان إلى الصواب، ويذكره حسن الثواب، أو سوء العقاب، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى يكفل لكل شخص الحياة الصحيحة التي يكون أساسها طاعة الله ومراقبته والسعي لإرضائه والعمل على نيل محبته والفوز بجنته.
ونجد أيضاً أن هذا العلم شقيق الفقه وضابطاً له من الانحراف أو من تتبع الأهواء، كما هو الحال في كل عصر، وعصرنا الحالي خصوصاً، فيقول الفقيه العامل سيدي أحمد زروق الصوفي الشهير، في كتابه النافع الجامع المانع " قواعد التصوف "، ناقلاً عن إمام الأمة الإمام مالك بن أنس رحمه الله قوله: (من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق).
وانظر أيضاً إلى كتاب " إحياء علوم الدين " للإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله، كيف وضع المنجيات والمهلكات، لكي تكون وسيلة للوصول إلى الحق، ومعرفة سبل وطرق التمكن والتحقق بذلك، وكيف يتحقق الإقبال وندفع الإعراض الذي قد يصيب السالك في أحد الطرق.
ولقد وفق الله أهل العلم لوضع كتب صغاراً وكباراً لضبط التصوف كقواعد، أو شرح التصوف كمنهج، أو التعليق على مطلب للتوضيح.
والرسالة التي بين أيدنا من هذا التراث الصوفي المركوز في أقبية مراكز ومكتبات المخطوطات التراثية المنتشرة في كافة أنحاء العالم، والتي تستغيث طالبة لنشرها خوفاً من التلف أو النسيان، ولو بضبط النص من غير إثقال كاهلها بالحواشي والهوامش التي ليس لها طعم من تجار الكتب، الذين ينشرون المخطوطات ذات المردود الكبير والفائدة القليلة، وهذا يعلمه صغار طلبة العلم، لأن هذه الكتب تنشر للعوام لا للخواص، والعوام لا يميزون بين الغث والسمين، وهم كثر بخلاف أهل العلم الذين يتناقصون في عصرنا بصورة كبيرة، وهم الذين يميزون بين النفيس والتعيس.
أخيراً.. أرجو من الله العلي الكبير أن ينفع بهذه الرسالة من أراد الإقبال على الله والجمع عليه، ويريد الحفظ من الإعراض والتفريق عنه.
وأن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا ويزيدنا علماً، إنه سميع مجيب قريب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب حسين علي حسين اليدري
بنغازي/ 20 رمضان 1418 ه
الموافق: 19 يناير 1998م
وصف المخطوط: الرسالة ضمن مخطوطات مكتبة الإسكندرية، وهي تقع في لوحتين، تحت رقم: 191 تصوف، وهي مجهولة المؤلف، وبدون ذكر لاسم الناسخ أو تاريخ النسخ.
وقد علمتُ جهدي في تصحيح النص وإخراجه على صورة لائقة، ولم أعلق على شيء منها لعدم الحاجة إلى ذلك فهو واضحة العبارات والمعاني.
جميع المواضيع و الردود تعبر عن الرأي الشخصي للعضو وادارة منتدى استراحة الغرباء لاتتحمل اية مسئولية اتجاه الغير