ما للقُلوبِ عن الحبيبِ غِطاءُ إِلاَّ إذا سكَنَتْ بها الأشياءُ
يبدو الحِجابُ عن الحبيبِ بنظرةٍ لسِواهُ إنَّ الحادِثاتُ عَمَاءُ
من كان يقصُدُ حُبَّهُ لم يلتفِتْ للفانِياتِ إذِ الجميعُ هَباءُ
مزِّقْ إذْاً حُجْبَ الوُجودِ بهمَّةٍ من دونِها الغَبْراءُ والخَضْراءُ
واهْجُرْ أناساً قَيْدُ دِينهمِ الهَوى دهراً فهم والميِّتونَ سَواءُ
فالعبدُ سيِّدُهُ مُناهُ وقصدُهُ لم تُلْهِهِ النَّعماءُ والآلاءُ
وانْهَجْ على أَثرِ النَّبيِّينَ الأُولى فهُمُ يَنابيعُ الهُدى العُقَلاءُ
لفتوا عن الأغيارِ عزمَ قُلوبِهِمْ ولأمرِهِ بصَحيحِ حالٍ فاءوا
تبِعَتْهُمُ السَّاداتُ ساداتُ الورَى العارِفونَ الخُلَّصُ النُّجَباءُ
وأقامَ دولَتَهُمْ وأكملَ شأنَهُمْ طهَ الذي ضاءتْ يه الظَّلْماءُ
أَحيى قُلوبَ المؤمنينَ بنورِهِ فانْجابَ عنها ساتِرٌ وغِشاءُ
عمَّتْ هدايَتُهُ وضاءتْ شمسُهُ فلها إلى يومِ القيامِ ضياءُ
أخذتْ مُزَمْزِمَةً على منهاجِهِ آلٌ وصَحبٌ سادَةٌ حُنَفاءُ
هامُوا بذكرِ اللهِ جلَّ جلالُهُ وقُلوبُ أَصحابِ الجُحودِ هَواءُ
قومٌ إمامُهُمُ الرَّسولُ المُصطفى من تستَظِلُّ بظلِّهِ الشُّفَعاءُ
روحُ الوُجودِ مَنارُ كُلَّ حقيقةٍ سامي الجَنابِ اللَّمْعَةُ البيضاءُ
المُنْتقى من لُبِّ عُنصُرِ هاشمٍ إِبناً سمتْ بفَخارِهِ الآباءُ
هو نورُهمْ في كَنْزِ نشأَةِ كونِهِمْ والطِّينُ لم يُعجَنْ لهم والماءُ
وافَى بدينٍ قيِّمٍ ذلَّتْ به ضِمنَ العُقولِ بطبعِها العَوْجاءُ
وبدَتْ لنا من برجِ طالِعِ بدْرِهِ رغمَ العُماةِ محجَّةٌ سمْحاءُ
شهِدَ العِدى طوعاً بعزَّةِ أمرِهِ والفضلُ ما شهِدَتْ به الأَعداءُ
نسخَ الشَّرائعَ كلَّها بشريعَةٍ خضعتْ لحكمَةِ نصِّها الحُكَماءُ
واتَى بتوْحيدٍ فنزَّهَ رَباًهُ وهو المُنَزَّهُ ما له شُرَكاءُ
العقلُ يشهدُ أنَّ فوقَ فُهومِهِ معنًى عليه من الوُجودِ رِداءُ
وحِّدْ بذوقِكَ ذاتَ ربِّكَ عارفاً فالشِّرْكُ وصفاً نقطةٌ سوْداءُ
يحتاطُ منكَ الرَّأيُ فيكَ ولم تكنْ تفقَهْ فكيف تصَرَّفُ الآراءُ
من أيِّ زاوِيَةٍ أتاكَ خيالُهُ أو أيُّ ظرفٍ للخيالِ وِعاءُ
إنْ كان مرئيًّا يكونُ مُجسَّماً أوْ كان مطموساً فذاكَ خَفاءُ
هذا الحُدوثُ به خَفِيٌّ ظاهِرٌ وبسرِّهِ قد حارَتِ البُلَغاءُ
وحَفِظْتَ أخْباراً بسرِّكَ كلُّها منها صُفوفٌ ضِمنَهُ وبِناءُ