القصيدة الهمزية / للسيد محمد مهدي الصيادي الرفاعي الشهير بالرواس رضي الله تعالى عنه
هذا الوجود على مجلاك إِيماءُ ----------وفي العما من سنا معناك أَضواءُ
قامت بسرِّك من آيات أَمرك----- -----------في عوالم الكون أَسرارٌ وآلاءُ
ما مس قابسة الأنوار بارقة-------------------- إلا ومنك لها شأنٌ وإبداءُ
ولا تلجلجت الأجساد في نَفَسٍ------------------- إلا وأفرغ فيه منك إحياءُ
مظاهر الحضرات انجاب حندسها- --------بشمس قدسك عنها فهي بلجاءُ
سِرَّان ما أعجب التفريق بينهما ----------------هما دليلان إحياء وإفناءُ
كشف وطمس بمعراج التدبر --------------من كونيهما قام إبراز وإمحاءُ
والقبض والبسط من تصريف طورهما ------في عالم الخلق منع ثم إعطاءُ
والخلق والأمر قاما والمدار على ------------ما دار بينهما وضع وإعلاءُ
سرادق في فجاج العلم قد نصبت -----------وسار في كلهن السين والراءُ
حتى إذا شمخت بالأفق قبته ----------------وكفكف الأرض تكوير وإدحاءُ
وصيغ آدم بالصنع القديم كما-------------- أقيم وازداج منه الطين والماءُ
تعلق النور فيه من طوى جبل --------ما مس موسى به في الطور إغشاءُ
مقدس صين في كنزية ------------------سبحت ببحر نور إذ الآثار ظلماءُ
ومذ جرى ضمن ذاك الهيكل----------- انبجست له علوم وأفهام وأسماءُ
فكان مضمون كنز من تشعبه --------قامت شؤون وقال الناس ما شاؤوا
جهل وعلم وكل الناس طائفة --------------بالجهل والعلم أموات وأحياءُ
تنوعت من نكات الكون--------------- اقضية والحكم فيها أفانين وآراءُ
هذا إلى الحق يمشي لا على مَهَل----------- وذاك بالزور والبهتان مشاءُ
ياحيرة غلبت قوما وغيل بهم -------------وفي العقول دواء الداء والداءُ
نعم عقول الورى في الوضع عاجزة---------- ففي نقابيه إضلال واهداءُ
وفي رقيق نسيج الإختيار على ----------نول المواهب حكم العدل قضَاءُ
لذا إليك صدور الرسل أجمعهم -----------بما عرفناك يارب العلى باؤوا
موج تدفق من نشأ البروز----------------- الى ألباب قوم فإلهام وإيحاءُ
فشق صخر قلوب حين فاض لها --------وما خلاها ببحت الوضع صماءُ
فدقها وارد الإنذار فانكشفت----------------- بالقبضتين فخلان وأعداءُ
حنت لواردها من حيث موردها -----------قلوب سُفّارِ قوم بعد ما جاؤوا
طريقتان انجلى مضمار حالهما---------- فتلك سوداءُ والأخرى فبيضاءُ
هذا الكتاب الذي جاء البشير ------------به محجة في طريق الله سمحاءُ
أبدى رموزا من الأسرار -------------غامضة ما فك مغلاقها إلا الألباءُ
طوت خوارقه آيات معرفة ---------------من نشرها لقباب الغيب إسراءُ
جلت فنونا فأدلت من تنزلها------------- ضوءا به مقلة المبعود عمياءُ
ما بين أحرفه في نظم سبكتها -------ووصلها الأشطب الصمصام فراءُ
تضمن العلم تفصيلا وأجمله -------------كما تضمن عين النقطة الباءُ
وغاص طمطامه علما وفسره------------ محمد(ص) واتانا منه إنباءُ
كأن دنيا الورى أعوامها سنة------------- وكلها بعد ما قد جاء شهباءُ
أفنى جموعا بسيف العدل وهو------------ إذا إفناء ظلم به للعدل إبقاءُ
أدار من كأس حم الغيوب على-------- أهل الرضا ما حماه الميم والحاءُ
معتق من زوايا القدس تعصره ------------يد الرسالة ما شابته صهباءُ
بورده والتنحي عند طالعة ----------------فيها من الأمر إسعاد وإشقاءُ
إذا روى نقلها المنصوص راوية--------- أعانه من شروق الفتح إلقاءُ
يطوف من حاله في قلب عارفه -------روح ووجه الجحود الخبل حرباءُ
في الدهر من شأنه شأن يحوله ----وعن ضياء الضحى للعمش إغضاءُ
معنى نهار وليل بين دورهما ------------من قابض الحكم أطراف وآناءُ
توالجا فأقام السر بينهما -------------------فواصلاً هي إظلام وإيضاءُ
ما جاء في نشأة الإثبات ----------------آدمها إلا لها ولهذا السر حواءُ
بيان غمض بممتد الرقائق من ---------علم الرسول وهل للسطر قراءُ
يا أمة جحدت برهان حجته-------------------- كأنها أمة بكماء صماءُ
هذا هو الحق لا ندٌّ يعدده --------------------وفي التعدد عدوان وإجفاءُ
يعدد الحقَّ بُهتاناً أخو سفه--------------- وعينه بانحراف المسّ حولاءُ
لو ناصفت سمة الانصاف أفئدة---------- منهم لما غالها جحد وبغضاءُ
إن البراهين لا تخفى على درب----------- إن لم يخطّئه في مسراه أقذاءُ
سمط المعاني على منظوم ---------جوهره تخالفت باختلاف الفهم أهواءُ
وقائل الحق لم تقلب حقيقته --------------------وإن ترنم بالتبديل ورقاءُ
سر تكاتمه أهل القلوب فخذ--------------- منه الرموز وما للسر إفشاءُ
الفرق بين نماط الجمع متسق --------------والجمع يشهده لطف وإنطاءُ
يسفه الحق سفا ثم يرجعه--------------- فرقا وفي الامر تجريد وإكساءُ
وأين تجتمع الأحداث في -----------------قدم من ذاته فيه تنزيل وإعلاءُ
قامت على صور الآثار حاكمة ------------من قدسه غارة للفرق شعواءُ
تبارك الله لا عهد يغيره-------------------- ولا يماثله في الوصف أشياءُ
فرد قديم عظيم واحد أحد----------------------- له صفات قديمات وأسماءُ
منزه عن سمات الحادثات ففي --------------طور الحدوث انتقالات وإبلاءُ
وفي الجهات انحياز وهو جلَّ -----------فلا ينحاز والحيث للمنحاز أرجاءُ
تدبر الأمر والتكييف مزلقة --------------ملساء فيها من الشيطان إغواءُ
فدن بدين تهامي شريعته---------------------- نور وليس لنور الله إطفاءُ
وازو الهوى عنك مغموسا ------------بسنته فللهوى من بني الدنيا أرقاءُ
وذِلَّ لله إن تسلك طريقته -------------------ففي الحضور الأذلاء الأعزاءُ
وجِد واجهد ولا تنظر لماشية في ----------الدرب حذف كراعيها المطيطاءُ
فأمهات الفعال السيئات لها -----------------من عبء أبنائها الأخلاط آباءُ
وخذ إذا ما توسدت الثرى ---------------عملاً يكون خِلاً إذا انحاز الأخلاءُ
وقف على الباب مخفوض الجناح -----وكن عبداً ومنك لقلب الوهم إدماءُ
قد حاول الجمع أقوام فأرجعهم------------ موتى وهم بطنين الظن أحياءُ
فالعارفون بباب الفرق--------------- موقفهم والأنبياء العرانين الأجلاءُ
قال اتحاداً أُناس والحلول حكوا ---------والكل صدمتهم في الدين دهماءُ
لو حل فيهم على فرض المحال---------- لما منهم تحلل بالتحويل أجزاءُ
رواشق الجهل من شيطان -----------أنفسهم للصد منهم تلقتها السويداءُ