بركة الشام العالم الرباني الشيخ أحمد الرفاعي الشهير بالحبال
(ترجمة فضيلة الشيخ محمد اليعقوبي مقتطفة من درس الرسالة القشيرية)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم افتح علينا فتوح العارفين، ووفقنا توفيق الصالحين، وانفعنا اللهم بالقرآن والذكر الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وعملاً متقبلاً برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت يا حي يا قيوم تجعل الحزن إذا شئت سهلاَ سهلاً، اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأصلح لنا شأننا كله، لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد،
...فالسعيد من صحب أهل الخير.. السعيد من صحب أهل الطاعة.. أهل الإيمان.. أهل التقوى.. أهل الاستقامة.. أهل الذكر.. أهل المحبة..
ودعنا في الأيام الماضية الشيخ أحمد الحبال رحمه الله تعالى، وقد تكلمت في الخطبة عن جانب من جوانب حياة الشيخ أحمد الحبال، لكن الجانب الآخر الذي أحب أن أتكلم به الآن هو نشأة الشيخ أحمد الحبال.
الشيخ أحمد الحبال ربما تفرد بكونه من العباد الزهاد في هذا الوقت، العبادة والزهد والمداومة على الذكر والمحبة للنبي صلى الله عليه وسلم أمور امتاز بها الشيخ أحمد الرفاعي الحبال. من أين جاءت هذه الأمور؟ جاءته هكذا؟ تلقطها من الكتب؟ تلقفها من السطور؟ لا.. الشيخ أحمد الحبال هو ابن الشيخ صالح الحبال الشيخ صالح الحبال كان من أهل الزهد والورع والعبادة وأكل الحلال والمداومة على الطاعة وحضور الجمع والجماعات مع المسلمين والإكثار من حج النافلة والده الشيخ صالح حج نحواً من ثلاثين حجة والده الشيخ صالح ما عرف أنه ترك الصلاة جماعة طيلة عمره حتى أيام الثورة السورية أيام الحرب والجهاد ما ترك صلاة الجماعة ما ترك والده صلاة الجماعة طيلة عمره كان يأكل من كسب يده كان يشتغل بذكر الله تعالى ويملأ وقته بتلاوة القرآن وتوفي من قريب فوق الأربعين سنة بقليل قريب من خمسين سنة من الآن توفي سنة إحدى وستين ميلادية.
الشيخ صالح الحبال لازم عمه الشيخ سعيد الحبال، الشيخ سعيد الحبال كان قطب الشام كان إمام الشافعية في الجامع الأموي وكان قطب الشام في الولاية وكان يشار إليه أنه القطب الغوث، أي: رئيس الأولياء في بلاد الشام، الشيخ سعيد الحبال هذا الرجل كراماته يتحدث الناس فيها إلى هذه الأيام، إلى الآن مازال هناك من المعمرين من أهل التقوى من يروي كرامات الشيخ سعيد الحبال في تقواه وورعه ومواظبته على الصدق والإخلاص لله تبارك وتعالى.
الشيخ صالح الحبال لازم الشيخ عبد الرزاق الطرابلسي الشهير بـ (غلَّا الحليب) شيخ الطريقة النقشبندية، بعض الناس يظن أن الشيخ أحمد الحبال رفاعي، هو رفاعي النسب ولكن الطريقة التي كانت في أهل بيته أصلاً هي الطريقة النقشبندية طريقة والده كانت الطريقة النقشبندية الشيخ صالح الحبال والده كان نقشبندي الطريقة أخذها عن الشيخ عبد الرزاق غلا الحليب وهذا الرجل قل من يعرفه، الشيخ عبد الرزاق غلا الحليب كان معتزلاً عن الناس في جامع سنان باشا (السنانية) وكان من الأقطاب الكبار والأولياء العظام والعارفين الذين لم يكن لهم نظير كان يتبرك به أهل عصره الشيخ صالح الحبال لازم الشيخ عبد الرزاق غلا الحليب، سمي غلا الحليب لأنه كان يغلي الحليب ويبيعه ويتقوت منه لازمه وأخذ عنه الطريقة النقشبندية وكان ملازماً لأذكاره وأوراده بعيداً عن الشهرة بعيداً عن رسوم العلماء كالتلاميذ والتصدر وما إلى ذلك.
فالشيخ أحمد غرسة ونبتة في ذلك البستان في ذلك البيت الصالح بيت التقوى وبيت الورع بيت الزهد بيت الجهاد والمجاهدة، يروى عن والد الشيخ صالح الحبال أنه ما أكل في غير بيته طعاماً عند أحد قط، ما أكل في غير بيته طعاماً لأحد قط، ما كان يأكل إلا من كسب يده، حتى التمرات التي كان يفطر عليها، الشيخ صالح الحبال كان دائم صيام الاثنين والخميس طيلة عمره وكان يفطر على تمرات يأتي بهن في جيبه من كسب يده يعني يأكل الحلال الخالص لانتشار الشبه في الرزق بين الناس فما يدرى الحلال من غيره، نحن الآن ربما نترخص ونتوسع في تناول الطعام في بيوت الناس لكن الجيل الذي قبلنا ما كان هكذا، والدي رحمه الله ما كان يأكل عند أحد من الناس لا يعرفه ولو فرشت له الأرض ذهباً، لو فرشت له الأرض ذهباً ليأكل عند أحد لا يعرفه لا يأكل، لا يذهب إلا إلى بيت إخوانه من أهل الصدق وأكل الحلال والورع نعم يأكل عند الخاصة من إخوانه، وهذا من كمال الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام كمال الاقتداء أن يأكل عند من يغلب على ظنه أن ماله حلال، لكن في شدة التورع كحال الشيخ صالح الحبال أيضاً خير حتى يكون قدوة للبقية حتى يكون قدوة للبقية من الناس فينظر الناس في أحوالهم كيف هي، الواحد منا يأكل الطعام ويأتي بالمال من الشرق والغرب ولا يسأل مصدر المال من أين.
فالشيخ أحمد رحمه الله تعالى غرسة نبتت في تلك الرياض الزاهرة رياض التقوى والورع وأكل الحلال والذكر والجهاد والمجاهدة غرسة غرسها والده رحمه الله وأنا قلت في خطبة الجمعة كلاماً قد رويته من قبل عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يقول لابنه سالم: أنا أزيد في صلاتي من أجلك وروينا لكم قديماً قصة إمام الحرمين الجويني كان أبوه من أهل التقوى والورع وكان عالماً جليلاً وكان يشتغل بنسخ الكتب ويأكل من كسب يمينه حتى جمع مقداراً من المال فاشترى جارية ذات دين وخلق فأعتقها وتزوجها وصار ينفق عليها من كسب يمينه المال الحلال وأمرها أن تحفظ البيت من أي مال يدخل إليه فحملت بإمام الحرمين الجويني ثم وضعت فأوصاها أن تحفظ ذلك الرضيع وفي مرة من المرات جاء في المساء فسألها عن الأحوال وإذا بجارة لها قد جاءت وكانت أم الرضيع قد انشغلت بأشغال البيت وولدها يبكي فأرضعته الجارة، [من الأحكام الشرعية لا يجوز للمرأة أن ترضع ولد غيرها إلا بإذن الزوج ولا يجوز للمرأة أيضاً أن تسترضع لولدها إلا بإذن الزوج، لأن اللبن حق الزوج كما يقول الفقهاء فالمرضع لا يجوز لها أن ترضع أولاد غيرها إلا بإذن زوجها والمرأة أيضاً لا يجوز لها أن تسترضع امرأة غيرها لأولادها إلا بإذن زوجها هي] فالشاهد هذه المرأة أرضعت ذلك الرضيع فلما جاء والد الإمام الجويني ودرى بالخبر جعل يدخل إصبعه في فم الرضيع حتى قاء الرضيع ذلك اللبن يقول إمام الحرمين الجويني: بقي أثر تلك الرضعة فتوراً يعرض له عند المناظرة!! مع أنها رضعة لم تتم، فانظروا إلى أثر الحلال في تنشئة القلوب الحلال لا يربي الأجسام فقط لكن يؤثر في القلوب.
بعض الصالحين كان يقول: ما أكل في الغفلة استعمل في الغفلة وما أكل في الحضور استعمل في الحضور ما معنى ذلك؟ يعني الطعام الذي تأكله هذا لو كان حلالاً الطعام الذي تأكله إذا ضمنا أنه حلال بعد ذلك إذا أكلته في حال الغفلة عن الله تبارك وتعالى وفرح بالطعام بالشراب وتأكل وتنظر إلى التلفاز تأكل وأنت تغتاب وتنم هذا ما أكل في الغفلة استعمل في الغفلة وما أكل بحضور مع الله عز وجل بالمراقبة لله عز وجل أثناء الطعام استعمل في الحضور، يقول الإمام الغزالي في بعض نصائحه: (من أراد أن يحفظ الله جوارحه فليسم الله عند كل لقمة) هذا ما فيه بدعة وإنما فيه زيادة في السنة وحرص، التسمية في أول الطعام لمن لا ينسى الله تعالى في آخره أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام والسلف الصالح كان إذا سمى الله تعالى في أول الطعام لا ينسى الله عز وجل ولا يغفل عنه إلى آخر الطعام أما الآن بين اللقمة واللقمة تعرض للإنسان ربما مائة فكرة فينسى الحق سبحانه وتعالى وينسى واجب الشكر لله سبحانه وينسى المنعم وينسى..، نقول نعم هذا ينبغي أن يجدد التسمية بين اللقمة واللقمة، حتى يظهر أثر ذلك في الطعام الذي يأكله وليكون استعماله في الطاعة.
لذلك عندما نتحدث عن مثل الشيخ أحمد الحبال رحمه الله لا ينبغي أن نتحدث عن الشيخ أحمد الحبال ونعظم الشيخ أحمد الحبال دون النظر إلى نشأة الشيخ أحمد الحبال ومن سقى تلك الغرسة ومن روى تلك النبتة ومن تعاهدها وهو أبوه رحمه الله تعالى ومشايخه بعد ذلك ، الآن نحن بدأنا فقط بالكلام عن الأب، الناس يتحدثون عن الشيخ أحمد الحبال وصحبته للشيخ بدر الدين الحسني وينسون أن الشيخ أحمد الحبال ابن أبيه الشيخ الصالح، والشيخ صالح أخذ عن عم أبيه الشيخ سعيد الحبال، وهكذا.. فهم أهل بيت فيهم النسب الشريف للإمام السيد أحمد الرفاعي رحمه الله تعالى ورضي عنه وهو النسب الممتد إلى النبي عليه الصلاة والسلام المتصل به صلى الله عليه وسلم، وفيهم نسب الروح وهو نسب الطريق، نسب من عدة طرق هذا من الطريقة النقشبندية وهذا من الطريقة الرفاعية وكل واحد من أجداده كان سالكاً في بعض الطرق والده كان نقشبندي الطريقة.
جميع المواضيع و الردود تعبر عن الرأي الشخصي للعضو وادارة منتدى استراحة الغرباء لاتتحمل اية مسئولية اتجاه الغير